عنوان هلاكه وشقائه، ومتى علم العبد ما في القيام بطاعة الله من الثواب هان عليه أداؤها وفعلها، فالحسنة ولله الحمد إذا أخلص الإنسان فيها لله واتبع رسول الله كانت بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء وفضل الله ليس له حد ولا انحصار.
وأما الصبر عن معصية الله فأن يحبس الإنسان نفسه عن الوقوع فيما حرم الله عليه مما يتعلق بحق الله أو حقوق عباده، ومتى علم ما في الوقوع من المحرم من العقاب الدنيوي والأخروي والاجتماعي والفردي وإن ذلك مما يضر بعاقبة أمره بل ويضر بمجتمعه فإن الذنوب عقوباتها في الدنيا قد تعم، ويبعث الناس على أعمالهم ونياتهم، متى علم العاقل ما يقع من جراء الذنوب أوجب ذلك أن يدعها خوفًا من علام الغيوب.
وأما الصبر على أقدار الله فمعناه أن يستسلم الإنسان لما يقع عليه من البلاء والهموم والأسقام، وأن لا يقابل ذلك بالتسخط والتضجر وفعل الجاهلية المنكر في الإسلام، وأن يعلم أن هذا البلاء لنزوله أسباب وحكم لا يعلمها إلا الله، وأن يعلم أن لدفعه ولرفعه أسبابًا من أعظمها لجوؤه ودعاؤه وتضرعه إلى مولاه، فهذه الأمراض التي أرسلها الله تعالى على عباده إنما هي رحمة بهم ليرجعوا إليه وليعرفوا أنه هو المتصرف بعباده كما يشاء، فلا اعتراض عليه، له الملك وله الحمد، وله الخلق وله الأمر، وبيده الخير وهو على كل شيء قدير ومع هذا فتلك الأمراض لم يحصل فيها ولله الحمد نقص في النفوس ولا هلاك وإنما هي أمراض يسيرة خفيفة قدرها المولى ولطف بعباده فلله الحمد رب السماوات والأرض.