متصل بالله ووجهه إلى بيت الله فهو متوجه إلى ربه ظاهرًا وباطنًا يتلو كتابه ويتدبر ما يقوله ربه من أوامر ونواهي ويتأمل ما يتلوه من أحسن القصص التي بها المواعظ والاعتبار إذا مرت به أية رحمة طمع في فضل الله فسأل الله من فضله وإذا مرت به أية وعيد خاف من عذاب الله فاستعاذ به منه ثم يركع حانيًا ظهره ورأسه تعظيمًا لله الرب العظيم سبحان ربي العظيم مستحضرًا بذلك عظمة من لانت لعظمته الصعاب وخضعت لعزته الرقاب فيكون معظمًا لله بقلبه ولسانه وجسده بظاهره وباطنه ممتثلًا بذلك أمر ربه ورسوله حيث يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] ويقول سبحانه: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: «اجعلوها في ركوعكم» ، ثم بعد أن يقول ما شاء الله من تعظيم يرفع رأسه مثنيا على ربه حامدًا له على إحسانه الكامل وصفاته العليا فإنه المحمود على كل حال المشكور بكل لسان ثم بعد ذلك يخر ساجدًا واضعًا أعلى جوارحه وأشرف أعضائه على الأرض وجميع أعضائه العاملة: الوجه واليدان والرجلان كلها لاطئة في الأرض ليس فيها شيء عالٍ على شيء وحينئًذ يستحضر من تنزه عن السفول يستحضر علو الرب الأعلى فيقول سبحان ربي الأعلى ينزه ربه عن السفول ويصفه بالعلو المطلق فإنه تعالى عال بذاته عال بصفاته فهو فوق كل شيء وصفاته أعلى الصفات وأكملها ومن أجل هذا التواضع الذي يضع الساجد فيه نفسه تعظيمًا لربه كان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فبعد أن يسبح ربه الأعلى يدعو الله تعالى. مما أحب، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فَقمِنٌ (أي حرِيٌ) أن يستجاب لكم» ، وبعد هذا السجود والذل لله يقوم فيجلس جلسة الخاضع واضعًا يديه على فخذيه يسأل ربه المغفرة والرحمة والعافية ويستمر