حتى تقوم الساعة» ، وأخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - «أن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة. وأن الله لا يزال يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم فيه بطاعته» ، فعلم بخبره الصادق أنه لا بد أن يكون في أمته قوم يتمسكون بهديه الذي هو دين الإسلام محضًا، وقوم ينحرفون إلى شعبة من شعب دين اليهود أو إلى شعبة من شعب دين النصارى. وهذا الانحراف يزينه الشيطان. فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلًا.
والحكمة: يا عباد الله في النهي عن التشبه بهم والأمر بمخالفتهم ظاهرة، ذلك أن المشابهة لهم في الظاهر تورث تشبهًا بهم في الباطن يقود إلى موافقتهم لا الأخلاق والأعمال. والمخالفة لهم في الظاهر توجب مخالفتهم في الباطن مما يوجب مفارقتهم مفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال. والانعطاف إلى أهل الهدى والرضوان.
أيها المسلمون: لقد كثر اليوم في المسلمين التشبه بالكفار في كلامهم ولباسهم وهيئتهم بين الرجال والنساء مما لست أحصيه في مقامي هذا. من ذلكم: ما يفعله الرجال من حلق لحاهم وتغذية شواربهم وإطالة شعور رؤوسهم على شكل ما يفعل الكفار، وقد أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بجز الشارب وإعفاء اللحية وإكرامها وتوفيرها ومخالفة المشركين الذين يحلقون لحاهم ويغذون شواربهم.