كل مرتبة درجات لتظهر أسرارُ حكمته في الخلق , فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم الغاية في الجودة , خُلقت أبدانهم سليمة من عيب فصلحت لحلول النفوس الكاملة , ثم هم يتفاوتون أيضاً في المراتب , ويتميَّز (?) بعضهم على بعض في المناقب وعلوِّ المناصب , وكان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أصحَّ الأنبياء مزاجاً , وأكملهم (?) بدناً , وأصفاهم رُوحاً , وبمعرفة ما نذكره من أحواله وأخلاقه وصفاته يتبين فضله , ولذلك قدَّمه الله تعالى على الكُل , فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم خلاصة الوجود , وواسطة العقود , وهم خيرة الخلائق , وصفوة الخالق , وهم في الفضل طبقات , وفي القدر درجات قال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: من الآية 55] فكلٌ له رتبة (لايتعدَّاها) (?) , ومنزلة لايدرك غيره مَداها , وغاية إذا بلغ منتهاها تناهى , وجعل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - من الرتب أعلاها , ومن المنازل أسماها , ومن المعجزات أعظمهما وأقواها , ومن المنقبات أجملها وأبهاها , ومن الفضائل أُولاها وأُخراها , ومن المحاسن أَوْلاها وأَحراها , ففي حديث الإسراء عنه - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى جمع الأنبياء والملائكة صفوفاً قال فقدَّمني وأمرني أن أصلِّي بهم فصليت بهم ركعتين , ثم إنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أثنوا على ربهم سبحانه , فقال إبراهيم - عليه السلام -[ق 2/ظ]: الحمد لله الذي اتخذني خليلاً وأعطاني مُلكاً عظيماً وجعلني أمَّة قانتاً يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها عليَّ برداً وسلاماً , ثم إن موسى - عليه السلام - أثنى على ربه تعالى فقال: الحمد لله رب العالمين الذي كَلَّمني تكليماً وجعل هلاك فرعون على يدي ونجَّا بني إسرائيل على يدي وجعل من أمتي قوماً يهدون بالحق وبه يعدلون , ثم إن داود - عليه السلام - أثنى على ربه تعالى فقال: الحمد لله

الذي جعل لي مُلكاً عظيماً وعلَّمني الزَّبور وألان لي الحديد وسخَّر لي الجبال يسبّحن والطير وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب , ثم إن سليمان - عليه السلام - أثنى على ربه فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015