والخواطر عن إدراك ما اشتمل عليه كلامه من الحكم , فكان ما أوتي (عيسى) (?) - عليه السلام - بل وغيره من النبيين عليهم السلام من الحِكَم داخل فيما أوتي نبينا - صلى الله عليه وسلم - من الحكم , وكان أمره بالتبليغ للأمّة بالحكمة والموعظة الحسنة , هذا مع ما أوتي [رسول الله] (?) - صلى الله عليه وسلم - من الفصاحة , والبلاغة , وجوامع الكلم , وفواتحه , وخواتمه , وما اختُصر له من الحكمة , وما أوتي عيسى من تعليمه التوراة , والإنجيل , وإرساله إلى بني إسرائيل , فإن نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - أوتي القرآن المجيد الذي استوعب مافي الكتب كلّها وزاد عليها كما تقدّم , وأرسل إلى الخلق (?) كافة , وكان الأنبياء قبله يبعث النبي إلى قومه خاصّةً , وقال الله تعالى لمحمّد - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: من الآية 28].

وأما خَلق عيسى - عليه السلام - للطير بإذن الله ونفخه (?) فيه فيصير طيراً يطير , فليس ذلك بأعظم من حنين الجذع وهو خشبة يابسة (?) , وتسليم الأحجار والأشجار عليه وهي من الجمادات (?) , وقلب الأعيان وصَيُّورُهَا إلى حالة أخرى , كما ذكر أبو نعيم في كتابه (?) دلائل النبوة: أن عكاشة بن محصن انقطع سيفه يوم بدر فدفع إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جذلاً من حطبٍ وقال: «قاتلْ بهذا» فعاد في يده سيفاً شديد المتن , أبيض الحديدة , طويل القامة , فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين [ق 28/ظ] ثم لم يزل يشهد به المشاهد إلى أيّام الردّة (?). وأمّا ما كان عيسى - عليه السلام - يخلق من الطين كهيئة الطير فإنه كان يطير حتى يغيب عن العيون ويعود إلى ما كان أوّلاً في ساعته , والجذع الذي حَنّ إلى محمّد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015