يوم دخل المدائن لأنه أراد المقام بها , وكانت أول جمعة جمعت بالمدائن , واتّخذ سعد - رضي الله عنه - الإيوان مصلّى للأعياد واتخذ فيه منبراً؛ فقد تبين فضل محمد - صلى الله عليه وسلم - على موسى - صلى الله عليه وسلم - وفضل أمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - على أمة موسى - صلى الله عليه وسلم - , وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً.

فإن قيل [ق 21/و]: إنّ موسى عليه الصلاة والسلام أتى فرعون وقومَه بالعذاب الأليم الجراد والقمل والضفادع والدّم على ما أخبر الله تعالى في كتابه , قلنا: نعم هو كذلك وكان لموسى عليه الصلاة والسلام من المنزلة أعظم من هذا , ولكن لمحمّد - صلى الله عليه وسلم - أعظم من ذلك , فإنّ قريشاً لمّا عتوا وتجبّروا ولم يجيبوا (?) إلى الإسلام دعا عليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يعينه عليهم بسنين كسني يوسف فقال: «اللهم اشدد وطأتك على مُضَر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» (?) , فتوالت عليهم السنون بالجَدْب حتى أكلوا العظام والجيف وكان أحدهم ينظر فيما بينه وبين السّماء فيرى كهيئة الدّخان قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: من الآية 11] (فقالوا) (?): {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان: 12] فقال الله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 15 - 16] يعني: يوم بدر فإنه لما كشف عنهم

العذاب في الأولى عادوا إلى كفرهم فسلّط الله تعالى عليهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - فانتقم منهم بأن جعل هلاكهم بسيفه , فشفى صدره وصدور (?) المؤمنين منهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015