ومما أورده ابن جنى في هذا الباب: قول الله تعالى "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله".
لأن تأويله - والله أعلم-: فإذا أردت قراءة القرآن، فاكتفى بالمسبب الذي هو: الإرادة.
ومنه قوله تعالى "إذا أقمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم": أي: إذا أردتم القيام لها.
ومنه قوله تعالى: "فقلنا اضرب بعصاك الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً".
أي: فضرب، فانفجرت، فاكتفى بالمسبب الذي هو الانفجار عن السبب الذي هو: الضرب.
وإن شئت قلت: أكتفى بالسبب الذي هو: القول عن المسبب الذي: الضرب.
ومنه قول رؤية:
يا رب إن أخطأت أو نسيت ... فأنت لا تنسى ولا تموت
أي: إن أخطأت، أو نسي، فاعف عني، لنقصي وفضلك؛ فاكتفى بذكر الكمال والفضل، وهو السبب عن العفو، وهو المسبب.
ومنه بيت الكتاب:
فإن تبخل سدوس بدرهمها ... فإن الريح طيبة قبول