علوت مطا جوادك يوم يوم ... وقد ثمد الجياد، فكان بحراً
وكأن يقول الساجع: فرسك هذا، إذا سما بغرته كان فجراً، وإذا جرى إلى غايته، كان بحراً، ونحو ذلك، ولو عرى الكلام من دليل يوضح الحال لم يقع عليه بحر، لما فيه من التعجرف في المقال من غير إيضاح ولا بيان، لأنك لو قلت: رأيت بحراً. وأنت تريد: الفرس، لم يعلم بذلك غرضك، فلم يجز قولك، لأنه إلباس وإلغاز على الناس (?).
ولعل هذا الذي قاله ابن جنى - هنا - من اشتراط وجود القرينة التي تسقط الشبهة في إرادة المعنى الحقيقي للكلمة، كان الأصل الذي أخذ منه البلاغيون للمجاز اللغوي شرط وجود القرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي للفظ (?).
كما أن قوله: "أما الاتساع، فلأنه قد زاد في أسماء الفرس التي هي فرس، وطرف وجواد، ونحوها: البحر" كان أصلاً لادعائهم دخول المشبه في جنس المشبه به، إذ قالوا: وإنما المراد أن المدعي بي إدعاءه على أن الأسد - مثلاً - جعل له بطريق التأول والمبالغة فردان متعارف، وهو الذي له الجراءة المتناهية، والغاية في القوة" في جثة ذي الأطفار، والأنياب، والشكل المخصوص.
وغير متعارف: وهو فرد آخر له تلك القوة والجراءة بنفسها، لكن في جثة الأدمي وكأن اللفظ موضوع للقدر المشترك بينهما، كالمتواطئ" (?).