وقد كان سليمان بن فهد يكتب في حداثته بين يدي أبي إسحاق، الصابئ الذي توفى في سنة 384 هـ. ثم انتقل إلى الموصل، فأقتنى بها ضياعاً؛ ونظر فيها، لقرواش أمير بني عقيل، وهو، معتمد الدولة، أبو المنيع، قرواش بن المقلد أحد أمراء العقيليين. وقد ولى الموصل سنة 391، إلى سنة 442 هـ.
ثم غضب عليه قرواش؛ فقتله سنة 411 هـ.
ومما يدلك على أن سليمان بن فهد صاحب قرواش هو مولى (جنى) أن ابن الزملدم الذي هجا ابن جنى قد هجا سليمان بن فهد صاحب قرواش في شعر، ذكره ابن الأثير، في باب (التخلص. والإقتضاب).
يقول ابن الأثير، ومما استطرف من هذا النوع في الشعر: قول ابن الزملدم الموصلي، وهو:
وليل كوجه البرقعيدي مظلم ... وبرد أغانيه، وطول قرونه
سربت ونومي فيه نوم مشرد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه
على أولق فيه النفات؛ كأنه ... أبو جابر، في خبطه وجنونه
إلى أن بداضوء الصباح، كأنه ... سنا وجه قرواش وضوء جبينه
ثم يذكر ابن الأثير قصة هذه الأبيات فيقول: وهذه الأبيات لهما حكاية. وذاك أن هذا الممدوح - وهو شرف الدولة قرواش -، ملك العرب، وكان صاحب الموصل، فاتفق أنه كان جالساً مع ندمائه في ليلة من ليالي الشتاء، وفي جملتهم هؤلاء الذين هجاهم الشاعر.