عَنْ مَكْحُولٍ،"أَنَّ النِّدَاءَ كَانَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ، ثُمَّ تُقَامُ الصَّلاةُ، وَذَلِكَ النِّدَاءُ الَّذِي يَحْرُمُ عِنْدَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إِذَا نُودِيَ بِهِ، فَأَمَرَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُنَادِيَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ"
كَانَ عَرَّاكُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:"اللَّهُمَّ، أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ، وَانْتَشَرْتُ كَمَا أَمَرْتَنِي فَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ".رواه ابن أبي حاتم (?).
وهذه الصورة تمثل لنا كيف كان يأخذ الأمر جدا، في بساطة تامة، فهو أمر للتنفيذ فور سماعه بحرفيته وبحقيقته كذلك!
ولعل هذا الإدراك الجاد الصريح البسيط هو الذي ارتقى بتلك المجموعة إلى مستواها الذي بلغت إليه، مع كل ما كان فيها من جواذب الجاهلية. مما تصوره الآية الأخيرة في السورة: «وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً. قُلْ: ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ. وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».
عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أَقْبَلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِىَ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) (?).
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَدِمَتْ عِيرٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَابْتَدَرَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - قَالَ - وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا) (?)
وفي الآية تلويح لهم بما عند اللّه وأنه خير من اللهو ومن التجارة. وتذكير لهم بأن الرزق من عند اللّه «واللّه خير الرازقين» .. وهذا الحادث كما أسلفنا يكشف عن مدى الجهد الذي بذل في التربية وبناء النفوس حتى انتهت إلى إنشاء تلك الجماعة الفريدة في التاريخ. ويمنح القائمين على دعوة اللّه في كل زمان رصيدا من الصبر على ما يجدونه من ضعف ونقص