يتناوله «فقه المعاملات»! وهو انحراف بالتصور الإسلامي لا شك فيه. فلا جرم يتبعه انحراف في الحياة كلها في المجتمع الإسلامي.

«ليس في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبق عليه معنى «العبادة» أو لا يطلب فيه تحقيق هذا الوصف. والمنهج الإسلامي كله غايته تحقيق معنى العبادة، أولا وأخيرا.

«وليس هناك من هدف في المنهج الإسلامي لنظام الحكم، ونظام الاقتصاد، والتشريعات الجنائية، والتشريعات المدنية، وتشريعات الأسرة. وسائر التشريعات التي يتضمنها هذا المنهج ..

«ليس هناك من هدف إلا تحقيق معنى «العبادة» في حياة الإنسان .. والنشاط الإنساني لا يكون متصفا بهذا الوصف، محققا لهذه الغاية - التي يحدد القرآن أنها هي غاية الوجود الإنساني - إلا حين يتم هذه النشاط وفق المنهج الرباني فيتم بذلك إفراد اللّه - سبحانه - بالألوهية والاعتراف له وحده بالعبودية .. وإلا فهو خروج عن العبادة لأنه خروج عن العبودية. أي خروج عن غاية الوجود الإنساني كما أرادها اللّه. أي خروج عن دين اللّه!

«وأنواع النشاط التي أطلق عليها الفقهاء اسم «العبادات» وخصوها بهذه الصفة - على غير مفهوم التصور الإسلامي - حين تراجع في مواضعها في القرآن، تتبين حقيقة بارزة لا يمكن إغفالها. وهي أنها لم تجىء مفردة ولا معزولة عن أنواع النشاط الأخرى التي أطلق عليها الفقهاء اسم «المعاملات» .. إنما جاءت هذه وتلك مرتبطة في السياق القرآني، ومرتبطة في المنهج التوجيهي. باعتبار هذه كتلك شطرا من منهج «العبادة» التي هي غاية الوجود الإنساني، وتحقيقا لمعنى العبودية، ومعنى إفراد اللّه - سبحانه - بالألوهية.

«إن ذلك التقسيم - مع مرور الزمن - جعل بعض الناس يفهمون أنهم يملكون أن يكونوا «مسلمين» إذا هم أدوا نشاط «العبادات» - وفق أحكام الإسلام - بينما هم يزاولون كل نشاط «المعاملات» وفق منهج آخر .. لا يتلقونه من اللّه ولكن من إله آخر .. ! هو الذي يشرع لهم في شؤون الحياة ما لم يأذن به اللّه! «وهذا وهم كبير. فالإسلام وحدة لا تنفصم. وكل من يفصمه إلى شطرين - على هذا النحو - فإنما يخرج من هذه الوحدة، أو بتعبير آخر: يخرج من هذا الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015