قال تعالى: «قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ» ..
هذه الآية - والآيات التالية لها في السياق - كانت تمهيدا لغزوة تبوك ومواجهة الروم وعمالهم من الغساسنة المسيحيين العرب .. وذلك يلهم أن الأوصاف الواردة فيها هي صفات قائمة بالقوم الموجهة إليهم الغزوة وأنها إثبات حالة واقعة بصفاتها القائمة. وهذا ما يلهمه السياق القرآني في مثل هذه المواضع .. فهذه الصفات القائمة لم تذكر هنا على أنها شروط لقتال أهل الكتاب إنما ذكرت على أنها أمور واقعة في عقيدة هؤلاء الأقوام وواقعهم وأنها مبررات ودوافع للأمر بقتالهم. ومثلهم في هذا الحكم كل من تكون عقيدته وواقعه كعقيدتهم وواقعهم ..
وقد حدد السياق من هذه الصفات القائمة:
أولا: أنهم لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر.
ثانيا: أنهم لا يحرمون ما حرم اللّه ورسوله.
ثالثا: أنهم لا يدينون دين الحق.
ثم بين في الآيات التالية كيف أنهم لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحق. وذلك بأنهم:
أولا: قالت اليهود عزير ابن اللّه وقالت النصارى المسيح ابن اللّه وأن هذا القول يضاهئ قول الذين كفروا من قبلهم من الوثنيين. فهم مثلهم في هذا الاعتقاد الذي لا يعد صاحبه مؤمنا باللّه ولا باليوم الآخر.
(وسنين بالضبط كيف أنه لا يؤمن باليوم الآخر)،ثانيا: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللّه، والمسيح ابن مريم. وأن هذا مخالف لدين الحق .. وهو الدينونة للّه وحده بلا شركاء .. فهم بهذا مشركون لا يدينون دين الحق ..