استحالة التعايش بين الإسلام والكفر

كان قد تبين من الواقع العملي مرحلة بعد مرحلة، وتجربة بعد تجربة، أنه لا يمكن التعايش بين منهجين للحياة بينهما هذا الاختلاف الجذري العميق البعيد المدى الشامل لكل جزئية من جزئيات الاعتقاد والتصور، والخلق والسلوك، والتنظيم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي - والإنساني - وهو الاختلاف الذي لا بد أن ينشأ من اختلاف الاعتقاد والتصور .. منهجين للحياة أحدهما يقوم على عبودية العباد للّه وحده بلا شريك والآخر يقوم على عبودية البشر للبشر، وللآلهة المدعاة، وللأرباب المتفرقة. ثم يقع بينهما التصادم في كل خطوة من خطوات الحياة لأن كل خطوة من خطوات الحياة في أحد المنهجين لا بد أن تكون مختلفة مع الأخرى، ومتصادمة معها تماما، في مثل هذين المنهجين وفي مثل هذين النظامين.

إنها لم تكن فلتة عارضة أن تقف قريش تلك الوقفة العنيدة لدعوة «أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه» في مكة. ولا أن تحاربها هذه الحرب الجائرة في المدينة .. ولم تكن فلتة عارضة أن يقف اليهود في المدينة كذلك لهذه الحركة وأن يجمعهم مع المشركين معسكر واحد - وهم من أهل الكتاب! - وأن يؤلب اليهود وتؤلب قريش قبائل العرب في الجزيرة في غزوة الأحزاب لاستئصال شأفة ذلك الخطر الذي يتهدد الجميع بمجرد قيام الدولة في المدينة على أساس هذه العقيدة، وإقامة نظامها وفق ذلك المنهج الرباني المتفرد!.وكذلك سنعلم بعد قليل أنها لم تكن فلتة عابرة أن يقف النصارى - وهم من أهل الكتاب كذلك! - لهذه الدعوة ولهذه الحركة سواء في اليمن أم في الشام أم فيما وراء اليمن ووراء الشام إلى آخر الزمان! .. إنها طبائع الأشياء .. إنها أولا طبيعة المنهج الإسلامي التي يعرفها جيدا - ويستشعرها بالفطرة - أصحاب المناهج الأخرى! طبيعة الإصرار على إقامة مملكة اللّه في الأرض، وإخراج الناس كافة من عبادة العباد إلى عبادة اللّه وحده وتحطيم الحواجز المادية التي تحول بين «الناس كافة» وبين حرية الاختيار الحقيقية .. ثم إنها ثانيا طبيعة التعارض بين منهجين للحياة لا التقاء بينهما في كبيرة ولا صغيرة وحرص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015