قال تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ، وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ .. إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ .. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ..
وبين الروايات المأثورة والآراء الفقهية خلاف طويل .. أولا: حول مدلول «الغنائم» ومدلول «الأنفال» هل هما شيء واحد، أم هما شيئان مختلفان؟ وثانيا: حول هذا الخمس - الذي يتبقى بعد الأخماس الأربعة التي منحها اللّه للمقاتلين - كيف يقسم؟ وثالثا: حول خمس الخمس الذي للّه. أهو الخمس الذي لرسول اللّه، أم هو خمس مستقل؟ .. ورابعا: حول خمس الخمس الذي لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أهو خاص به أم ينتقل لكل إمام بعده؟ وخامسا: حول خمس الخمس الذي لأولي القربى، أهو باق في قرابة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من بني هاشم وبني عبد المطلب، كما كان على عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -،أم يرجع إلى الإمام يتصرف فيه؟ وسادسا: أهي أخماس محددة يقسم إليها الخمس، أم يترك التصرف فيه كله لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ولخلفائه من بعده؟ ... وخلافات أخرى فرعية.
ونحن - على طريقتنا في هذه الظلال - لا ندخل في هذه التفريعات الفقهية التي يحسن أن تطلب في مباحثها الخاصة .. هذا بصفة عامة .. وبصفة خاصة فإن موضوع الغنائم بجملته ليس واقعا إسلاميا يواجهنا اليوم أصلا.
فنحن اليوم لسنا أمام قضية واقعة، لسنا أمام دولة مسلمة وإمامة مسلمة وأمة مسلمة تجاهد في سبيل اللّه، ثم تقع لها غنائم تحتاج إلى التصرف فيها! لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية أول مرة ورجع الناس إلى الجاهلية التي كانوا عليها، فأشركوا مع اللّه أربابا أخرى تصرف حياتهم بشرائعها البشرية! ولقد عاد هذا الدين أدراجه ليدعو الناس من جديد إلى الدخول فيه .. إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه .. إلى إفراد اللّه سبحانه بالألوهية والحاكمية والسلطان. والتلقي في هذا الشأن عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وحده! وإلى التجمع تحت قيادة مسلمة تعمل لإعادة إنشاء هذا الدين في حياة