عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (?) ...
وقد يجيء على المسلمين زمان لا يستطيعون فيه تغيير المنكر بأيديهم ; ولا يستطيعون فيه تغيير المنكر بألسنتهم ; فيبقى أضعف الإيمان ; وهو تغييره بقلوبهم ; وهذا ما لا يملك أحد أن يحول بينهم وبينه , إن هم كانوا حقا على الإسلام!
وليس هذا موقفا سلبيا من المنكر - كما يلوح في بادىء الأمر - وتعبير الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه تغيير دليل على أنه عمل إيجابي في طبيعته. فإنكار المنكر بالقلب , معناه احتفاظ هذا القلب بإيجابيته تجاه المنكر .. إنه ينكره ويكرهه ولا يستسلم له , ولا يعتبره الوضع الشرعي الذي يخضع له ويعترف به .. وإنكار القلوب لوضع من الأوضاع قوة إيجابية لهدم هذا الوضع المنكر , ولإقامة الوضع "المعروف" في أول فرصة تسنح , وللتربص بالمنكر حتى تواتي هذه الفرصة .. وهذا كله عمل إيجابي في التغيير .. وهو على كل حال أضعف الإيمان. فلا أقل من أن يحتفظ المسلم بأضعف الإيمان! أما الاستسلام للمنكر لأنه واقع , ولأن له ضغطا - قد يكون ساحقا - فهو الخروج من آخر حلقة , والتخلي حتى عن أضعف الإيمان! هذا وإلا حقت على المجتمع اللعنة التي حقت على بني إسرائيل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} [المائدة] (?)