الفساد في المجتمع، بحيث لا يقول أحد - وهو يرى الفساد يسري ويشيع - وماذا أصنع والتعرض للفساد يلحق بي الأذى؟! وهذه الغيرة على حرمات اللّه، والشعور بالتكليف المباشر بصيانتها والدفع عنها للنجاة من اللّه .. هذا كله هو قوام الجماعة المسلمة الذي لا قيام لها إلا به ..

وهذا كله في حاجة إلى الإيمان الصحيح باللّه ومعرفة تكاليف هذا الإيمان. وإلى الإدراك الصحيح لمنهج اللّه ومعرفة أنه يشمل كل جوانب الحياة. وإلى الجد في أخذ العقيدة بقوة، والجهد لإقامة المنهج الذي ينبثق منها في حياة المجتمع كله .. فالمجتمع المسلم الذي يستمد قانونه من شريعة اللّه ويقيم حياته كلها على منهجه هو المجتمع الذي يسمح للمسلم أن يزاول حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحيث لا يصبح هذا عملا فرديا ضائعا في الخضم أو يجعله غير ممكن أصلا في كثير من الأحيان! كما هو الحال في المجتمعات الجاهلية القائمة اليوم في أرجاء الأرض والتي تقيم حياتها على تقاليد ومصطلحات اجتماعية تسترذل تدخل أحد في شأن أحد وتعتبر الفسق والفجور والمعصية «مسائل شخصية»! ليس لأحد أن يتدخل في شأنها .. كما تجعل من الظلم والبطش والاعتداء والجور سيفا مصلتا من الإرهاب يلجم الأفواه، ويعقد الألسنة، وينكل بمن يقول كلمة حق أو معروف في وجه الطغيان ..

إن الجهد الأصيل، والتضحيات النبيلة يجب أن تتجه أولا إلى إقامة المجتمع الخير .. والمجتمع الخير هو الذي يقوم على منهج اللّه .. قبل أن ينصرف الجهد والبذل والتضحية إلى إصلاحات جزئية، شخصية وفردية عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إنه لا جدوى من المحاولات الجزئية حين يفسد المجتمع كله وحين تطغى الجاهلية، وحين يقوم المجتمع على غير منهج اللّه وحين يتخذ له شريعة غير شريعة اللّه. فينبغي عندئذ أن تبدأ المحاولة من الأساس، وأن تنبت من الجذور وأن يكون الجهد والجهاد لتقرير سلطان اللّه في الأرض .. وحين يستقر هذا السلطان يصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شيئا يرتكن إلى أساس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015