للّه وحده. وكلما وعينا منهج اللّه، وأقمنا عليه تصوراتنا وأوضاعنا. وكلما تحركنا في المعركة على هدى اللّه وتوجيهه. فلم نتخذ لنا وليا إلا اللّه ورسوله والذين آمنوا .. (?)

وقال تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً - مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ - أَوْلِياءَ، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ» ..

وهي ملابسة مثيرة لكل من له حمية المؤمن الذي لا يرى لنفسه كرامة إذا أهين دينه، وأهينت عبادته، وأهينت صلاته، واتخذ موقفه بين يدي ربه مادة للهزء واللعب .. فكيف يقوم ولاء بين الذين آمنوا وبين أحد من هؤلاء الذين يرتكبون هذه الفعلة ويرتكبونها لنقص في عقولهم. فما يستهزئ بدين اللّه وعبادة المؤمنين به، إنسان سويّ العقل فالعقل - حين يصح ويستقيم - يرى في كل شيء من حوله موحيات الإيمان باللّه.

وحين يختل وينحرف لا يرى هذه الموحيات، لأنه حينئذ تفسد العلاقات بينه وبين هذا الوجود كله. فالوجود كله يوحي بأن له إلها يستحق العبادة والتعظيم. والعقل حين يصح ويستقيم يستشعر جمال العبادة لإله الكون وجلالها كذلك، فلا يتخذها هزوا ولعبا وهو صحيح مستقيم.

ولقد كان هذا الاستهزاء واللعب يقع من الكفار، كما كان يقع من اليهود خاصة من أهل الكتاب، في الفترة التي كان هذا القرآن يتنزل فيها على قلب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - للجماعة المسلمة في ذلك الحين. ولم نعرف من السيرة أن هذا كان يقع من النصارى .. ولكن اللّه - سبحانه - كان يضع للجماعة المسلمة قاعدة تصورها ومنهجها وحياتها الدائمة. وكان اللّه - سبحانه - يعلم ما سيكون على مدار الزمان مع أجيال المسلمين. وها نحن أولاء رأينا ونرى أن أعداء هذا الدين وأعداء الجماعة المسلمة على مدار التاريخ أمس واليوم من الذين قالوا: إنهم نصارى كانوا أكثر عددا من اليهود ومن الكفار مجتمعين! فهؤلاء - كهؤلاء - قد ناصبوا الإسلام العداء، وترصدوه القرون تلو القرون، وحاربوه حربا لا هوادة فيها منذ أن اصطدم الإسلام بالدولة الرومانية على عهد أبي بكر وعمر - رضي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015