إن الإسلام يكلف المسلم أن يقيم علاقاته بالناس جميعا على أساس العقيدة. فالولاء والعداء لا يكونان في تصور المسلم وفي حركته على السواء إلا في العقيدة .. ومن ثم لا يمكن أن يقوم الولاء - وهو التناصر - بين المسلم وغير المسلم إذ أنهما لا يمكن أن يتناصرا في مجال العقيدة .. ولا حتى أمام الإلحاد مثلا - كما يتصور بعض السذج منا وبعض من لا يقرأون القرآن! - وكيف يتناصران وليس بينهما أساس مشترك يتناصران عليه؟
إن بعض من لا يقرأون القرآن، ولا يعرفون حقيقة الإسلام وبعض المخدوعين أيضا .. يتصورون أن الدين كله دين! كما أن الإلحاد كله إلحاد! وأنه يمكن إذن أن يقف «التدين» بجملته في وجه الإلحاد.
لأن الإلحاد ينكر الدين كله، ويحارب التدين على الإطلاق ..
ولكن الأمر ليس كذلك في التصور الإسلامي ولا في حس المسلم الذي يتذوق الإسلام. ولا يتذوق الإسلام إلا من يأخذه عقيدة، وحركة بهذه العقيدة، لإقامة النظام الإسلامي.
إن الأمر في التصور الإسلامي وفي حس المسلم واضح محدد .. الدين هو الإسلام .. وليس هناك دين غيره يعترف به الإسلام .. لأن اللّه - سبحانه - يقول هذا. يقول: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ» .. ويقول: «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» .. وبعد رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يعد هناك دين يرضاه اللّه ويقبله من أحد إلا هذا «الإسلام» .. في صورته التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - وما كان يقبل قبل بعثة محمد من النصارى لم يعد الآن يقبل. كما أن ما كان يقبل من اليهود قبل بعثة عيسى عليه السّلام، لم يعد يقبل منهم بعد بعثته ..
ووجود يهود ونصارى - من أهل الكتاب - بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليس معناه أن اللّه يقبل منهم ما هم عليه أو يعترف لهم بأنهم على دين إلهي .. لقد كان ذلك قبل بعثة