عمله بأجر يحسب له، ويصبح مستحقا في مصارف الزكاة، ويصبح من البر كذلك إعطاؤه من النفقات غير الزكاة .. كل أولئك ليسارع في فك رقبته، واسترداد حريته .. وإقامة الصلاة؟ ما قيمتها في مجال البر الذي هو جماع الخير؟
إن إقامة الصلاة شيء غير التولي قبل المشرق والمغرب. إنها توجه الإنسان بكليته إلى ربه، ظاهرا وباطنا، جسما وعقلا وروحا. إنها ليست مجرد حركات رياضية بالجسم، وليست مجرد توجه صوفي بالروح. فالصلاة الإسلامية تلخص فكرة الإسلام الأساسية عن الحياة. إن الإسلام يعترف بالإنسان جسما وعقلا وروحا في كيان ولا يفترض أن هناك تعارضا بين نشاط هذه القوى المكونة في مجموعها للإنسان، ولا يحاول أن يكبت الجسم لتنطلق الروح، لأن هذا الكبت ليس ضروريا لانطلاق الروح. ومن ثم يجعل عبادته الكبرى .. الصلاة.
مظهرا لنشاط قواه الثلاث وتوجهها إلى خالقها جميعا في ترابط واتساق. يجعلها قياما وركوعا وسجودا تحقيقا لحركة الجسد، ويجعلها قراءة وتدبرا وتفكيرا في المعنى والمبنى تحقيقا لنشاط العقل ويجعلها توجها واستسلاما للّه تحقيقا لنشاط الروح .. كلها في آن .. وإقامة الصلاة على هذا النحو تذكر بفكرة الإسلام كلها عن الحياة، وتحقق فكرة الإسلام كلها عن الحياة .. في كل ركعة وفي كل صلاة.
وإيتاء الزكاة؟ .. إنه الوفاء بضريبة الإسلام الاجتماعية التي جعلها اللّه حقا في أموال الأغنياء للفقراء، بحكم أنه هو صاحب المال، وهو الذي ملكه للفرد بعقد منه، من شروطه إيتاء الزكاة. وهي مذكورة هنا بعد الحديث عن إيتاء المال - على حبه - لمن ذكرتهم الآية من قبل على الإطلاق مما يشير إلى أن الإنفاق في تلك الوجوه ليس بديلا من الزكاة، وليست الزكاة بديلة منه .. وإنما الزكاة ضريبة مفروضة، والإنفاق تطوع طليق .. والبر لا يتم إلا بهذه وتلك. وكلتاهما من مقومات الإسلام. وما كان القرآن ليذكر الزكاة منفردة بعد الإنفاق إلا وهي فريضة خاصة لا يسقطها الإنفاق، ولا تغني هي عن الإنفاق.
والوفاء بالعهد؟ إنه سمة الإسلام التي يحرص عليها، ويكررها القرآن كثيرا ويعدها آية الإيمان، وآية الآدمية وآية الإحسان. وهي ضرورية لإيجاد جو من الثقة والطمأنينة في