الشيطان والتلويح بعذاب الآخرة، وما فيه من خزي وافتضاح .. لربط هذا كله بالتوحيد وتحديد المصدر الذي يتلقى منه من يعبد اللّه ولا يشرك به شيئا.
وهو مصدر كذلك واحد لا يتعدد ولا يشاركه أحد في التوجيه والتشريع كما لا يشاركه أحد في الألوهية وعبادة الناس له بلا شريك.
«وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً. وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ، وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ. وَابْنِ السَّبِيلِ، وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ... ».
إن التشريعات والتوجيهات - في منهج اللّه - إنما تنبثق كلها من أصل واحد، وترتكز على ركيزة واحدة.
إنها تنبثق من العقيدة في اللّه، وترتكز على التوحيد المطلق سمة هذه العقيدة .. ومن ثم يتصل بعضها ببعض ويتناسق بعضها مع بعض ويصعب فصل جزئية منها عن جزئية وتصبح دراسة أي منها ناقصة بدون الرجوع إلى أصلها الكبير الذي تلتقي عنده ويصبح العمل ببعضها دون البعض الآخر غير واف بتحقيق صفة الإسلام كما أنه غير واف بتحقيق ثمار المنهج الإسلامي في الحياة.
من العقيدة في اللّه تنبع كل التصورات الأساسية للعلاقات الكونية والحيوية والإنسانية. تلك التصورات التي تقوم عليها المناهج الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والعالمية. والتي تؤثر في علاقات الناس بعضهم ببعض، في كل مجالي النشاط الإنساني في الأرض والتي تكليف ضمير الفرد وواقع المجتمع والتي تجعل المعاملات عبادات - بما فيها من اتباع لمنهج اللّه ومراقبة اللّه - والعبادات قاعدة للمعاملات - بما فيها من تطهير للضمير والسلوك - والتي تحيل الحياة في النهاية وحدة متماسكة تنبثق من المنهج الرباني، وتتلقى منه وحده دون سواه، وتجعل مردها في الدنيا والآخرة إلى اللّه.
هذه السمة الأساسية في العقيدة الإسلامية، وفي المنهج الإسلامي، وفي دين اللّه الصحيح كله، تبرز هنا في تصدير آية الإحسان إلى الوالدين والأقربين، وغيرهم من طوائف الناس. بعبادة اللّه وتوحيده - كما أسلفنا - ثم في الجمع بين قرابة الوالدين، وقرابة هذه