الأول عنها أن يزاول بعض أنواع التأديب المصلحة في حالات كثيرة .. لا للانتقام، ولا للإهانة، ولا للتعذيب .. ولكن للإصلاح ورأب الصدع في هذه المرحلة المبكرة من النشوز: «وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ، فَعِظُوهُنَّ. وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ. وَاضْرِبُوهُنَّ. فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً» ..
واستحضار ما سبق لنا بيانه من تكريم اللّه للإنسان بشطريه. ومن حقوق للمرأة نابعة من صفتها الإنسانية ..
ومن احتفاظ للمرأة المسلمة بشخصيتها المدنية بكامل حقوقها .. بالإضافة إلى أن قوامة الرجل عليها لا تفقدها حقها في اختيار شريك حياتها والتصرف في أمر نفسها والتصرف في أمر مالها ... إلى آخر هذه المقومات البارزة في المنهج الإسلامي ..
استحضار هذا الذي سبق كله واستحضار ما قيل عن أهمية مؤسسة الأسرة كذلك .. يجعلنا نفهم بوضوح - حين لا تنحرف القلوب بالهوى والرءوس بالكبر! - لماذا شرعت هذه الإجراءات التأديبية أولا. والصورة التي يجب أن تؤدى بها ثانيا ..
إنها شرعت كإجراء وقائي - عند خوف النشوز - للمبادرة بإصلاح النفوس والأوضاع، لا لزيادة إفساد القلوب، وملئها بالبغض والحنق، أو بالمذلة والرضوخ الكظيم! إنها .. أبدا .. ليست معركة بين الرجل والمرأة. يراد لها بهذه الإجراءات تحطيم رأس المرأة حين تهم بالنشوز وردها إلى السلسلة كالكلب المسجور! إن هذا قطعا .. ليس هو الإسلام .. إنما هو تقاليد بيئية في بعض الأزمان. نشأت مع هوان «الإنسان» كله. لا هوان شطر منه بعينه .. فأما حين يكون هو الإسلام، فالأمر مختلف جدا في الشكل والصورة. وفي الهدف والغاية ..
«وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ» .. هذا هو الإجراء الأول .. الموعظة .. وهذا هو أول واجبات القيم ورب الأسرة. عمل تهذيبي. مطلوب منه في كل حالة: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً، وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ» .. ولكنه في هذه الحالة بالذات، يتجه اتجاها معينا لهدف معين. هو علاج أعراض النشوز قبل أن تستفحل وتستعلن. ولكن العظة قد لا تنفع. لأن هناك هوى غالبا، أو انفعالا جامحا، أو استعلاء بجمال. أو بمال. أو بمركز