تسلمه، حين جاء إليه! فهذا الكلام ذو أهمية خاصة في بيان قيمة مؤسسة الأسرة ونظرة المنهج الإسلامي إلى وظائفها، والغاية منها واهتمامه بصيانتها، وحياطتها من كل عوامل التدمير من قريب ومن بعيد ..
وفي ظل هذه الإشارات المجملة إلى طبيعة نظرة الإسلام للأسرة وأهميتها ومدى حرصه على توفير ضمانات البقاء والاستقرار والهدوء في جوها .. إلى جانب ما أوردناه من تكريم هذا المنهج للمرأة ومنحها استقلال الشخصية واحترامها والحقوق التي أنشأها لها إنشاء - لا محاباة لذاتها ولكن لتحقيق أهدافه الكبرى من تكريم الإنسان كله ورفع الحياة الإنسانية - نستطيع أن نتحدث عن النص الأخير في هذا الدرس، الذي قدمنا للحديث عنه بهذا الإيضاح:
إن هذا النص - في سبيل تنظيم المؤسسة الزوجية وتوضيح الاختصاصات التنظيمية فيها لمنع الاحتكاك فيها بين أفرادها، بردهم جميعا إلى حكم اللّه لا حكم الهوى والانفعالات والشخصيات - يحدد أن القوامة في هذه المؤسسة للرجل ويذكر من أسباب هذه القوامة: تفضيل اللّه للرجل بمقومات القوامة، وما تتطلبه من خصائص ودربة، و .. تكليف الرجل الإنفاق على المؤسسة. وبناء على إعطاء القوامة للرجل، يحدد كذلك اختصاصات هذه القوامة في صيانة المؤسسة من التفسخ وحمايتها من النزوات العارضة وطريقة علاج هذه النزوات - حين تعرض - في حدود مرسومة - وأخيرا يبين الإجراءات - الخارجية - التي تتخذ عند ما تفشل الإجراءات الداخلية، ويلوح شبح الخطر على المؤسسة، التي لا تضم شطري النفس الواحدة فحسب، ولكن تضم الفراخ الخضر، الناشئة في المحضن. المعرضة للبوار والدمار. فلننظر فيما وراء كل إجراء من هذه الإجراءات من ضرورة، ومن حكمة، بقدر ما نستطيع: «الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ. بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ» ..
إن الأسرة - كما قلنا - هي المؤسسة الأولى في الحياة الإنسانية. الأولى من ناحية أنها نقطة البدء التي تؤثر في كل مراحل الطريق. والأولى من ناحية الأهمية لأنها تزاول إنشاء وتنشئة العنصر الإنساني، وهو أكرم عناصر هذا الكون، في التصور الإسلامي. وإذا كانت