والحقوق الجديدة التي علمها الإسلام للمرأة، تمشيا مع نظريته الكلية في تكريم الإنسان بجنسيه، وفي إنصاف كل جنس فيه وكل طبقة وكل أحد .. إنصافه حتى من نفسه التي بين جنبيه ..
ولكن الإسلام إنما كان يستهدف من هذا كله تحقيق منهجه المتكامل بكل حذافيره. لا لحساب الرجال، ولا لحساب النساء! ولكن لحساب «الإنسان» ولحساب «المجتمع المسلم» ولحساب الخلق والصلاح والخير في إطلاقه وعمومه. وحساب العدل المطلق المتكامل الجوانب والأسباب.
إن المنهج الإسلامي يتبع الفطرة في تقسيم الوظائف وتقسيم الأنصبة بين الرجال والنساء. والفطرة ابتداء جعلت الرجل رجلا والمرأة امرأة وأودعت كلا منهما خصائصه المميزة لتنوط بكل منهما وظائف معينة لا لحسابه الخاص. ولا لحساب جنس منهما بذاته. ولكن لحساب هذه الحياة الإنسانية التي تقوم، وتنتظم، وتستوفي خصائصها، وتحقق غايتها - من الخلافة في الأرض وعبادة اللّه بهذه الخلافة - عن طريق هذا التنوع بين الجنسين، والتنوع في الخصائص والتنوع في الوظائف .. وعن طريق تنوع الخصائص، وتنوع الوظائف، ينشأ تنوع التكاليف، وتنوع الأنصبة، وتنوع المراكز .. لحساب تلك الشركة الكبرى والمؤسسة العظمى .. المسماة بالحياة ..
وحين يدرس المنهج الإسلامي كله ابتداء، ثم يدرس الجانب الخاص منه بالارتباطات بين شطري النفس الواحدة، لا يبقى مجال لمثل ذلك الجدل القديم الذي ترويه هذه الروايات، ولا كذلك للجدل الحديث، الذي يملأ حياة الفارغين والفارغات في هذه الأيام. ويطغى أحيانا على الجادين والجادات بحكم الضجيج العام! إنه عبث تصوير الموقف كما لو كان معركة حادة بين الجنسين، تسجل فيه المواقف والانتصارات .. ولا يرتفع على هذا العبث محاولة بعض الكتاب الجادين تنقص «المرأة» وثلبها، وإلصاق كل شائنة بها .. سواء كان ذلك باسم الإسلام أو باسم البحث والتحليل .. فالمسألة ليست معركة على الإطلاق! إنما هي تنويع وتوزيع. وتكامل. وعدل بعد ذلك كامل في منهج اللّه.