قال تعالى: «وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33) [النساء:32،33]
والنص عام في النهي عن تمني ما فضل اللّه بعض المؤمنين على بعض .. من أي أنواع التفضيل، في الوظيفة والمكانة، وفي الاستعدادات والمواهب، وفي المال والمتاع .. وفي كل ما تتفاوت فيه الأنصبة في هذه الحياة ..
والتوجه بالطلب إلى اللّه، وسؤاله من فضله مباشرة بدلا من إضاعة النفس حسرات في التطلع إلى التفاوت وبدلا من المشاعر المصاحبة لهذا التطلع من حسد وحقد ومن حنق كذلك ونقمة، أو من شعور بالضياع والحرمان، والتهاوي والتهافت أمام هذا الشعور .. وما قد ينشأ عن هذا كله من سوء ظن باللّه وسوء ظن بعدالة التوزيع .. حيث تكون القاصمة، التي تذهب بطمأنينة النفس، وتورث القلق والنكد وتستهلك الطاقة في وجدانات خبيثة، وفي اتجاهات كذلك خبيثة. بينما التوجه مباشرة إلى فضل اللّه، هو ابتداء التوجه إلى مصدر الإنعام والعطاء، الذي لا ينقص ما عنده بما أعطى، ولا يضيق بالسائلين المتزاحمين على الأبواب! وهو بعد ذلك موئل الطمأنينة والرجاء ومبعث الإيجابية في تلمس الأسباب، بدل بذل الجهد في التحرق والغيظ أو التهاوي والانحلال! النص عام في هذا التوجيه العام. ولكن موضعه هنا من السياق، وبعض الروايات عن سبب النزول، قد تخصص من هذا المعنى الشامل تفاوتا معينا، وتفضيلا معينا، هو الذي نزل هذا النص يعالجه .. هو التفاضل في أنصبة الرجال وأنصبة النساء .. كما هو واضح من سياق الآية في عمومها بعد ذلك .. وهذا الجانب - على أهميته الكبرى في تنظيم العلاقة بين شطري النفس البشرية وإقامتها على الرضا وعلى التكامل وإشاعة هذا الرضا - من ثم - في البيوت وفي المجتمع المسلم كله إلى جانب إيضاح الوظائف المنوعة فيه بين الجنسين والمهام ..