السياج الذي يقيها التبدد وسوء الاستعمال! وكثيرون يحسبون أن التقيد بمنهج اللّه - وبخاصة في علاقات الجنسين - شاق مجهد. والانطلاق مع الذين يتبعون الشهوات ميسر مريح! وهذا وهم كبير ... فإطلاق الشهوات من كل قيد وتحري اللذة - واللذة وحدها - في كل تصرف وإقصاء «الواجب» الذي لا مكان له إذا كانت اللذة وحدها هي الحكم الأول والأخير وقصر الغاية من التقاء الجنسين في عالم الإنسان على ما يطلب من مثل هذا الالتقاء في عالم البهائم والتجرد في علاقات الجنسين من كل قيد أخلاقي، ومن كل التزام اجتماعي .. إن هذه كلها تبدو يسرا وراحة وانطلاقا. ولكنها في حقيقتها مشقة وجهد وثقلة. وعقابيلها في حياة المجتمع - بل في حياة كل فرد - عقابيل مؤذية مدمرة ماحقة ..
والنظر إلى الواقع في حياة المجتمعات التي «تحررت!» من قيود الدين والأخلاق والحياء في هذه العلاقة، يكفي لإلقاء الرعب في القلوب. لو كانت هنالك قلوب! لقد كانت فوضى العلاقات الجنسية هي المعول الأول الذي حطم الحضارات القديمة. حطم الحضارة الإغريقية وحطم الحضارة الرومانية وحطم الحضارة الفارسية. وهذه الفوضى ذاتها هي التي أخذت تحطم الحضارة الغربية الراهنة وقد ظهرت آثار التحطيم شبه كاملة في انهيارات فرنسا التي سبقت في هذه الفوضى وبدأت هذه الآثار تظهر في أمريكا والسويد وانجلترا، وغيرها من دول الحضارة الحديثة.
وقد ظهرت آثار هذه الفوضى في فرنسا مبكرة، مما جعلها تركع على أقدامها في كل حرب خاضتها منذ سنة 1870 إلى اليوم، وهي في طريقها إلى الانهيار التام، كما تدل جميع الشواهد. وهذه بعض الأمارات التي أخذت تبدو واضحة من بعد الحرب العالمية الأولى:
«إن أول ما قد جر على الفرنسيين تمكن الشهوات منهم: اضمحلال قواهم الجسدية، وتدرجها إلى الضعف يوما فيوما. فإن الهياج الدائم قد أو هن أعصابهم وتعبد الشهوات يكاد يأتي على قوة صبرهم وجلدهم وطغيان الأمراض السرية قد أجحف بصحتهم. فمن أوائل القرن العشرين لا يزال حكام الجيش الفرنسي يخفضون من مستوى القوة والصحة البدنية المطلوب في المتطوعة للجند الفرنسي، على فترة كل بضع سنين. لأن