(فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ) ، والكشف لا يكونِ إلا للأغطية والحُجب
المحسوسة كقوله تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) .
* * *
ثم انظر إلى الحيرة والقلق، كيف يبرزهما القرآن في عبارات حساسة شديدة
الحساسية: (. . . وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) .
هذهَ الأرض الواسعة ضاقت حتى كادت تنخنق أنفاسهم.
لذلك تجد أنفسهم قد ضاقت عليهم هي الأخرى. . . فإلى أين يذهبون. . . أيخرجون من أنفسهم؟ . . . إنهم لو خرجوا منها - وكان ذلك مستطاعاً - لوجدوا أنفسهم فجأة فى الأرض.
أو ليست هذه الأرض هي التي وجدوا فيها أنفسهم - فرضاً -
قد ضاقت عليهم من قبل. . . فإلى أين المصير؟
إلى الله وحده. . لا ملجأ منه - لا أرضاً ولا سماءً ولا نفساً - إلا إليه.
* * *
قل لى بربك: هلْ في مقدور إنسان - مهما أوتى من البلاغة والبراعة -
أن يصوِّر هذه الحالة النفسية كهذا التصوير في دقة وإيجاز واستقصاء لجوانب
الصورة الواقعية والمحتملة.
لا. . ليس في إمكان بَشر.
إنه الله وحده. . وكتابه الحكيم سجلٌّ أمينٌ حافلٌ بهذه الصور الخلَّابة والمعاني
الآسرة.