وقد عرف المجتمع البَشرى - منذ بداوته - التعبير اللغوي، لأن الإفصاح
عما يحول في نفسه من معان وخيالات ضرورة من ضرورات حياته الجَماعية،
وللعلماء - قديماً وحديثاً - بحوث ونظريات حول " نشأة اللغة الإنسانية "
والمراحل التي مرت بها حتى وصلت إلى مرحلة الكمال أو قربت منها.
* * *
ويمكن إيجاز تلك البحوث في أربعة اتجاهات:
الاتجاه الأول: مؤداه أن الفضل في نشأة اللغة الإنسانية يرجع إلى إلهام
إلهى هبط على الإنسان وعلمه النطق وأسماء الأشياء.
ومن أنصار هذا الاتجاه فى العصور القديمة الفيلسوف اليونانى " هيراكليت "، وأحمد بن فارس فى كتابه " الصاحبى " وابن جنى في " الخصائص ". .
وفي العصور الحديثة طائفة من المستشرقين على رأسها الأب لامى فى كتابه "فن الكلام "
والفيلسوف " دبونالد " في كتابه " التشريع القديم " وليس لهؤلاء دليل
قوى يمكن الاعتداد به.
الاتجاه الثاني: وفحواه أن اللغة ابتدعت بالمواضعة والارتجال وقد ذهب إلى
هذا الرأي الفيلسوف اليونانى القديم،، ديموكريت " و " آدم سميث "
الفيلسوف الإنجليزى وآخرون، وليس لهذا الاتجاه سند عقلي أو نقلى
يمكن الاعتماد عليه.
وقد نُقد بأن المواضعة لا تتم إلا عن طريق عرف لغوي سابق عليها، وهذا يلزم عليه الدورَ - كما يقولون - لأن المواضعة تحتاج إلى مواضعة يتم بها الوضع.