وَقَوله: فَلَو أَن قومِي يَقُول: لَو صَبَرُوا وطعنوا برماحهم أعداءهم لأمكنني مدحهم وَلَكِن فرارهم صيرني كالمشقوق اللِّسَان لِأَنِّي إِن مدحتهم بِمَا لم يَفْعَلُوا كذبت ورد عَليّ. يُقَال: أجررت لِسَان الفصيل: إِذا شققت لِسَانه لِئَلَّا يرضع أمه. قَالَ أَبُو الْقَاسِم الزجاجي فِي أَمَالِيهِ الْوُسْطَى أخبرنَا ابْن شقير قَالَ: حضرت الْمبرد وَقد سَأَلَهُ رجلٌ عَن معنى قَول الشَّاعِر: فَلَو أَن قومِي أنطقتني رماحهم ... ... ... ... ... ... ... الْبَيْت
فَقَالَ: هَذَا كَقَوْل الآخر:
(وقافيةٍ قيلت فَلم أستطع لَهَا ... دفاعاً إِذا لم تضربوا بالمناصل)
(فأدفع عَن حق بِحَق وَلم يكن ... ليدفع عَنْكُم قالة الْحق باطلي)
قَالَ أَبُو الْقَاسِم: معنى هَذَا: أَن الفصيل إِذا لهج بِالرّضَاعِ جعلُوا فِي أَنفه خلالة محددة فَإِذا جَاءَ يرضع أمه نخستها تِلْكَ الخلالة فمنعته من الرَّضَاع فَإِن كف. . وَإِلَّا أجروه. والإجرار: أَن يشق لِسَان الفصيل أَو يقطع طرفه فَيمْتَنع حِينَئِذٍ من الرَّضَاع ضَرُورَة. فَقَالَ قَائِل الْبَيْت الأول: إِن قومِي لم يقاتلوا فَأَنا مجرٌ عَن مدحهم لِأَنِّي مَمْنُوع كَأَن رماحهم حِين قصروا عَن الْقِتَال بهَا أجرتني عَن مدحهم كَمَا يجر الفصيل. عَن الرَّضَاع. ففسره أَبُو الْعَبَّاس بالبيتين اللَّذين مضيا.
وللإجرار مَوضِع آخر وَهُوَ أَن يطعن الْفَارِس الْفَارِس فَيمكن الرمْح فِيهِ ثمَّ يتْركهُ مُنْهَزِمًا يجر الرمْح فَذَلِك قَاتل لَا محَالة. وَمِنْه قَول الشَّاعِر: