والتبين والأصفهاني فِي الأغاني وَحَكَاهُ أَيْضا ابْن الْأَنْبَارِي: بِأَنَّهُم ربطوه بنسعة مَخَافَة أَن يهجوهم وَكَانُوا سَمِعُوهُ ينشد شعرًا فَقَالَ: أطْلقُوا لي عَن لساني أَذمّ أَصْحَابِي وأنوح على نَفسِي فَقَالُوا: إِنَّك شَاعِر ونحذر أَن تهجونا. فعاهدهم أَن لَا يهجوهم فأطلقوا لَهُ عَن لِسَانه.
قَالَ الجاحظ: وَبلغ من خوفهم من الهجاء أَن يبْقى ذكره فِي الأعقاب ويسب بِهِ الْأَحْيَاء والأموات أَنهم إِذا أَسرُّوا الشَّاعِر أخذُوا عَلَيْهِ المواثيق وَرُبمَا شدوا لِسَانه بنسعة كَمَا صَنَعُوا بِعَبْد يَغُوث بن وَقاص الْحَارِثِيّ حِين أسرته تيمٌ يَوْم الْكلاب.
(أمعشر تيم قد ملكتم فأسجحوا ... فَإِن أَخَاكُم لم يكن من بوائيا)
أسجحوا بِتَقْدِيم الْجِيم على الْحَاء الْمُهْملَة بِمَعْنى سهلوا ويسروا. والبواء:
السوَاء أَي: لم
(فَإِن تقتلوني تقتلُوا بِي سيداً ... وَإِن تطلقوني تحربوني بماليا))
(أحقاً عباد الله أَن لست سَامِعًا ... نشيد الرعاء المعزبين المتاليا)
الرعاء: جمع رَاع. والمعزب: المتنحي بإبله وَهُوَ اسْم فَاعل من أعزب بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة. والمتالي: الَّتِي نتج بَعْضهَا وَبَقِي بعض جمع متلية وَهُوَ اسْم فَاعل. ...