تجْعَل هَذَا الْعَمَل إِذا كَانَ منوناً وَكَانَ لشَيْء من سَبَب الأول أَو الْتبس بِهِ بِمَنْزِلَتِهِ إِذا كَانَ للْأولِ فَإِنَّهُ قَائِل: نعم. انْتهى كَلَامه.
قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته بعد أَن نقل كَلَام سِيبَوَيْهٍ: قد لحّن ابْن الطّراوة سِيبَوَيْهٍ فِي اسْتِعْمَاله نعم فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ: إنّما هُوَ مَوضِع بلَى لَا مَوضِع نعم.
وَهُوَ كَمَا قَالَ فِي أَكثر مَا يُوجد من كَلَام النُّحَاة وَهُوَ لَا شكّ أَكثر فِي الِاسْتِعْمَال وعَلى ذَلِك جَاءَ مَا يروون عَن ابْن عبّاس من قَوْله فِي قَول الله تَعَالَى: أَلَسْت بربّكم إِنَّهُم لَو قَالُوا: نعم)
لكفروا. وَلَكِن قد يُوجد مَعَ ذَلِك خِلَافه.
قَالَ الشَّاعِر: أَلَيْسَ اللّيل يجمع أمّ عمرٍ والْبَيْتَيْنِ ويفتقر كَلَام ابْن عَبَّاس مَعَ وجود قَول هَذَا الْقَائِل إِلَى فضل نظر وَهُوَ أَن يَقُول: نعم فِي قَول الشَّاعِر لَيْسَ بِجَوَاب لِأَن الْجَواب ب نعم إِذا جَاءَ بعد الِاسْتِفْهَام إِنَّمَا يكون تَصْدِيقًا لما بعد ألف وَلم يرد الشَّاعِر أَن يصدّق أَنه لَا يجمعه اللَّيْل مَعَ أمّ عَمْرو فَلذَلِك يكون بَنو آدمٍ إِذا قَالُوا فِي جَوَاب: أَلَسْت بربّكم: نعم كفّاراً لِأَن الْجَواب بنعم يكون تَصْدِيقًا لما بعد ألف الِاسْتِفْهَام من النَّفْي وَهُوَ الْأَكْثَر فِي الِاسْتِعْمَال وَلكنه لَا يمْتَنع مَعَ ذَلِك أَن يَقُولُوا: نعم لَا على الْجَواب وَلَكِن على التَّصْدِيق لِأَن الِاسْتِفْهَام فِي أَلَسْت
بربّكم تَقْرِير والتقرير خبر مُوجب.
فَإِذا كَانَ التَّقْرِير خَبرا مَعْنَاهُ الْإِيجَاب جَازَ أَن يَأْتِي نعم كَمَا يَأْتِي بعد الْخَبَر الْمُوجب للتصديق.
وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك لم يكن فِي