الطَّوِيل
(فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوبٍ وشمأل)
على أَن الْفَاء الدَّاخِلَة على الْأَمَاكِن بِمَعْنى إِلَى أَي: منَازِل بَين الدُّخُول إِلَى حومل إِلَى توضح إِلَى المقراة.
-
وَهَذَا أحد جوابين أجَاب بهما الشَّارِح عَن إشكاله وَهُوَ أَن الْفَاء تَقْتَضِي التَّفْرِيق وَهُوَ منافٍ لما تفهمه بَين من الِاجْتِمَاع لِأَن البينية نِسْبَة وَأَقل مَا تستدعيه منتسبان. وَأَنت إِذا قلت: المَال بَين زيد وَعَمْرو فقد أفدت احتواءهما واجتماعهما على ملكه.
وَلِهَذَا الْإِشْكَال أنكر الْأَصْمَعِي وَمن تبعه رِوَايَة الْفَاء وَقَالَ: إِنَّمَا الرِّوَايَة: وحومل وتوضح والمقراة.
قَالَ العسكري فِي كتالب التَّصْحِيف: تكلم النَّاس فِي قَوْله: بَين الدُّخُول فحومل قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزيَادي: الرِّوَايَة: بَين الدُّخُول فحومل وَلَا يكون فحومل. لِأَنَّك لَا تَقول: رَأَيْتُك بَين زيد فعمرو.
وَهَذَا سَمعه الزيَادي من الْأَصْمَعِي فَسَأَلت ابْن دُرَيْد عَن الرِّوَايَة فَحكى مَا قَالَ الْأَصْمَعِي وَلم يزدْ عَلَيْهِ فَسَأَلت أَبَا بكر مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل فَقلت: قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا يجوز أَن تَقول: رَأَيْته بَين زيد فعمرو.
وَكَانَ يُنكر بَين الدُّخُول فحومل. فأملي عَليّ الْجَواب فَقَالَ: إِن لكل حرف من حُرُوف الْعَطف معنى فالواو تجمع بَين الشَّيْئَيْنِ نَحْو: قَامَ زبد وَعَمْرو فَجَائِز أَن يَكُونَا كِلَاهُمَا قاما فِي حَالَة وَاحِدَة وَأَن يكون قَامَ الأول بعد الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ. وَالْفَاء إِنَّمَا هِيَ دَالَّة على أَن الثَّانِي بعد الأول وَلَا مهلة بَينهمَا.
فَقَالَ الْأَصْمَعِي وَكَانَ ضَعِيفا