ثمَّ قَالَ ابْن الشجري: وَغير أبي عَليّ وَمن اعْتمد على قَوْله رووا نصب المَاء وَلم يرووا فِيهِ وَأَبُو طَالب الْعَبْدي مِنْهُم وَذَلِكَ أَنه ذكر لفظ أبي عَليّ فِي تعريب الْبَيْت ثمَّ قَالَ: وَأَنا مطَالب بفاعل ارتوى. ثمَّ مثل قَوْله مَا ارتوى المَاء مرتوي بقوله: مَا شرب أَي: أبدا. فَدلَّ كَلَامه على أَنه لم يعرف الْمَعْنى الَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَبُو عَليّ من نصب مرتوي على أَنه خبر كَانَ أَو رَفعه على أَنه خبر لَيْت.
وَالْقَوْل عِنْدِي فِيهِ أَن الِالْتِزَام بِالظَّاهِرِ على مَا ذهب إِلَيْهِ الْعَبْدي أشبه بمذاهب الْعَرَب فِيمَا يُرِيدُونَ بِهِ التأييد كَقَوْلِهِم: لَا أفعل كَذَا مَا طَار طَائِر وَلَا أُكَلِّمك مَا سمر سامر.
-
وَقد مر بِي كَلَام لأبي عَليّ ذهب عني مَكَانَهُ يتَضَمَّن تَجْوِيز رفع مرتوي بارتوى. وَأما مُنْذُ زمَان أجيل فكري وطرفي فِي تعرف الْكَلَام الَّذِي سنح لي فِيهِ كَلَامه فَلَا أَقف عَلَيْهِ. انْتهى.
وَقَالَ أَبُو حَيَّان: جعل ابْن بابشاذ مرتوي مَنْصُوبًا على الْمصدر أَي: ارتواء ورد عَلَيْهِ بِأَن اسْم الْفَاعِل فِيمَا زَاد على الثَّلَاثَة لَا يكون مصدرا وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي اسْم الْمَفْعُول نَحْو: ضاربته مضارباً. قَالَ:
(أقَاتل حَتَّى لَا أرى لي مُقَاتِلًا ... وأنجو إِذا لم ينج إِلَّا المكيس)
وَكَأَنَّهُ قاسه على الثلاثي نَحْو: قُم قَائِما وأ قَائِما وَقد قعد النَّاس. انْتهى.
أَقُول: تَجْوِيز هَذَا إِنَّمَا يتَصَوَّر فِي رفع المَاء وَجعل الْمَعْطُوف مشاركاً للمعطوف عَلَيْهِ فِي خَبره.