على مَا فِي هادوا كَأَنَّهُ قَالَ: هادوا هم والصابئون.
وَهَذَا القَوْل خطأ من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا: أَن الصَّابِئ لَا يُشَارك الْيَهُودِيّ فِي الْيَهُودِيَّة. وَإِن ذكر أَن هادوا فِي معنى تَابُوا فَهَذَا خطأ فِي هَذَا الْموضع أَيْضا لِأَن معنى الَّذين آمنُوا هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ إِيمَان بأفواههم لِأَنَّهُ يعْنى بِهِ المُنَافِقُونَ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ والخليل وَجَمِيع الْبَصرِيين: إِن الصابئين مَحْمُول على التَّأْخِير ومرفوع بِالِابْتِدَاءِ الْمَعْنى: إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا خوف عَلَيْهِم والصابئون وَالنَّصَارَى كَذَلِك أَيْضا.
وأنشدوا فِي ذَلِك قَول الشَّاعِر: وَإِلَّا فاعلموا أَنا وَأَنْتُم الْبَيْت)
الْمَعْنى: أَنا بغاة وَأَنْتُم أَيْضا كَذَلِك.
وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَن قوما من الْعَرَب يغلطون فَيَقُولُونَ: إِنَّهُم أَجْمَعُونَ ذاهبون وَإنَّك وَزيد ذاهبان.
فَجعل سِيبَوَيْهٍ هَذَا غَلطا وَجعله كَقَوْل الشَّاعِر: انْتهى كَلَام الزّجاج.
وَمُرَاد سِيبَوَيْهٍ بالغلط توهم عدم ذكر إِن لَا حَقِيقَة الْغَلَط. كَيفَ وَهُوَ الْقَائِل إِن الْعَرَب لَا تطاوعهم ألسنتهم فِي اللّحن وَالْخَطَأ كَمَا نقل عَنهُ فِي الْمَسْأَلَة الزنبورية.
قَالَ الشاطبي فِي شرح الألفية: يَعْنِي سِيبَوَيْهٍ أَنهم توهموا أَن لَيْسَ ثمَّ إِن حَتَّى كَأَنَّهُمْ قَالُوا: هم أَجْمَعُونَ ذاهبون وَأَنت وَزيد ذاهبان. وَأنس بِهَذَا عدم ظُهُور الْإِعْرَاب فِي اسْم إِن فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وَالدَّلِيل على صِحَة هَذَا أَنه لم