وَفِي التَّذْكِرَة القصرية: قلت لأبي عَليّ: قَوْله: أحقاً أَن أخطلكم هجاني يدل على أَن حَقًا بِمَعْنى: أَفِي الْحق لِأَنَّهُ لَيْسَ يُرِيد أتحقون حَقًا أَن أخطلكم هجاني وَإِنَّمَا يُرِيد أَفِي الْحق أَي: أخبروني هَل هجاني أخطلكم وَلَيْسَ يُرِيد: أتحقون هَذَا الْخَبَر فَلم يُنكر أَبُو عَليّ هَذَا وَصَححهُ وَصَوَّبَهُ. انْتهى.
وَبِهَذَا يعلم أَنه لَيْسَ الْمَعْنى أهجاني هجواً حَقًا.
وَهَذَا نَص سِيبَوَيْهٍ وَفِيه فَوَائِد كَثِيرَة قَالَ فِي بَاب من أَبْوَاب إِن تكون أَن فِيهِ مَبْنِيَّة على مَا قبلهَا: وَذَلِكَ قَوْلك: أحقاً أَنَّك ذَاهِب وَالْحق أَنَّك ذَاهِب وَكَذَلِكَ: أأكبر ظَنك أَنَّك ذَاهِب وأجهد رَأْيك أَنَّك ذَاهِب. وَكَذَلِكَ هما فِي الْخَبَر.
وَسَأَلت الْخَلِيل رَحِمَهُ اللَّهُ فَقلت لَهُ: مَا مَنعهم أَن يَقُولُوا: أحقاً إِنَّك ذَاهِب على الْقلب. كَأَنَّك قلت: إِنَّك ذَاهِب حَقًا وَإنَّك ذَاهِب الْحق فَقَالَ: لِأَن إِن لَا تبتدأ فِي كل مَوضِع وَلَو جَازَ هَذَا لجَاز يَوْم الْجُمُعَة إِنَّك ذَاهِب تُرِيدُ إِنَّك ذَاهِب يَوْم الْجُمُعَة. ولقلت أَيْضا: لَا محَالة إِنَّك ذَاهِب تُرِيدُ: إِنَّك لَا محَالة ذَاهِب.
فَلَمَّا لم يجز ذَلِك حملوه على أَحَق أَنَّك ذَاهِب وأفي أكبر ظَنك أَنَّك ذَاهِب وَصَارَت أَن مَبْنِيَّة عَلَيْهِ كَمَا تبني الرحيل على غَد إِذا قلت: غَدا الرحيل. وَالدَّلِيل على ذَلِك إنشاد الْعَرَب كَمَا أَخْبَرتك. زعم يُونُس أَنه سمع الْعَرَب يَقُولُونَ فِي بَيت الْأسود بن يعفر:
أحقا بنى سلمى بن جندل ... تهددكم اياى وسط الْمجَالِس