(فأومأت إِيمَاء خفِيا لحبتر ... وَللَّه عينا حبتر أَيّمَا فَتى)
فَقَالَ: أَيّمَا تكون صفة للنكرة، وَحَالا للمعرفة، وَتَكون استفهاماً مَبْنِيا عَلَيْهَا، ومبنية على غَيرهَا، وَلَا تكون لتبيين الْعدَد، وَلَا فِي الِاسْتِثْنَاء نَحْو قَوْلك: أَتَوْنِي إِلَّا زيدا. أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول لَهُ: عشرُون أَيّمَا رجل وَلَا أَتَوْنِي إِلَّا أَيّمَا رجل. وَالنّصب فِي مثله رجلا كالنصب فِي عشْرين رجلا. فأيما لَا تكون فِي الِاسْتِثْنَاء، وَلَا يخْتَص بهَا نوع من الْأَنْوَاع، وَلَا يُفَسر بهَا عدد. وَأَيّمَا فَتى اسْتِفْهَام. أَلا ترى أَنَّك تَقول سُبْحَانَ الله من هُوَ وَمَا هُوَ؟ فَهَذَا اسْتِفْهَام فِيهِ معنى التَّعَجُّب. وَلَو كَانَ خَبرا لم يجز ذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يجوز فِي الْخَبَر أَن تَقول: من هُوَ، وتسكت. انْتهى. قَالَ النّحاس: قد فسر الْخَلِيل أَيّمَا بقوله تكون صفة للنكرة، كَقَوْلِك: مَرَرْت بِرَجُل أَيّمَا رجل، وَحَالا للمعرفة، أَي: إِن شِئْت، رويت:
(فَللَّه عينا حبتر أَيّمَا فَتى)
بِالنّصب، أَي: كَامِلا ن ومبنياً عَلَيْهَا، كَقَوْلِك: أَيّمَا رجل، مَبْنِيَّة على غَيرهَا، نَحْو: زيد أَيّمَا رجل، وَلَا تكون لتبيين الْعدَد، وَلَا فِي الِاسْتِثْنَاء، لِأَنَّهَا لم تقو فِي الصِّفَات. على أَن الْأَخْفَش قد أجَاز ذَلِك. انْتهى. وَقَالَ الأعلم: رفع: " أَيّمَا " بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: أَي فَتى هُوَ، وَمَا زَائِدَة مُؤَكدَة. وَفِي أَي معنى الْمَدْح والتعجب. وصف أَنه أَمر ابْن أُخْت لَهُ يُقَال لَهُ: حبتر، بنحر نَاقَة من أَصْحَابه، لِأَنَّهُ كَانَ فِي غير مَحَله، ليخلفها عَلَيْهِ إِذا لحق بأَهْله. وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بذلك حَتَّى لَا يشْعر بِهِ أحد، ففهم عَنهُ وَعرف إِشَارَته لذكائه، وحدة بَصَره. والإيماء: الْإِشَارَة بِعَين أَو يَد. انْتهى.