وَأما الْبَيْت فَكَذَلِك مَعْنَاهُ لِأَن حبها لم يُقَارب أَن يَزُول فضلا عَن أَن يَزُول. وَهُوَ مُبَالغَة فِي نفي الزَّوَال فَإنَّك إِذا قلت: مَا كَاد زيد يُسَافر فَمَعْنَاه أبلغ من: مَا يُسَافر زيد أَي: لم يُسَافر وَلم يقرب من أَن يُسَافر أَيْضا. فالبيت مُسْتَقِيم وَلَا وَجه لتخطئة الشُّعَرَاء إِيَّاه. انْتهى.
وَقد بَين الشَّارِح الْمُحَقق فَسَاد هذَيْن الْقَوْلَيْنِ فِي آخر الْبَاب. وَقَوله كَغَيْرِهِ: إِن الشُّعَرَاء خطؤوا ذَا قَالَ المرزباني فِي الموشح: حَدثنِي أَحْمد بن مُحَمَّد الْجَوْهَرِي وَأحمد بن إِبْرَاهِيم الْجمال قَالَا: حَدثنَا الْحسن بن عليل الْعَنزي قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن مُحَمَّد بن الْمُهلب بن الْمُغيرَة بن حبيب بن الْمُهلب بن أبي صفرَة قَالَ: حَدثنَا عبد الصَّمد ابْن المعذل عَن أَبِيه عَن جده غيلَان بن الحكم قَالَ: قدم علينا ذُو الرمة الْكُوفَة فَوقف على رَاحِلَته بالكناسة ينشدنا قصيدته الحائية فَلَمَّا بلغ إِلَى هَذَا الْبَيْت: إِذا غير النأي المحبين ... ... ... . . إِلَخ فَقَالَ لَهُ ابْن شبْرمَة: يَا ذَا الرمة أرَاهُ قد برح. ففكر سَاعَة ثمَّ قَالَ:
(إِذا غير النأي المحبين لم أجد ... رسيس الْهوى ... ... ... إِلَخ))
قَالَ: فَرَجَعت إِلَى أبي الحكم بن البخْترِي بن الْمُخْتَار فَأَخْبَرته