وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد السبعون وَهُوَ من شَوَاهِد س (الْبَسِيط)
(ترتع مَا رتعت حَتَّى إِذا ادكرت ... فَإِنَّمَا هِيَ إقبال وإدبار)
على أَن اسْم الْمَعْنى يَصح وُقُوعه خَبرا عَن اسْم الْعين إِذا لزم ذَلِك الْمَعْنى لتِلْك الْعين حَتَّى صَار كَأَنَّهُ هِيَ هَذَا من قبيل زيد عدل وَفِيه ثَلَاث توجيهات أَحدهَا كَونه مجَازًا عقليا بحملة على الظَّاهِر وَهُوَ جعل الْمَعْنى نفس الْعين مُبَالغَة وَالثَّانِي أَن الْمصدر فِي تَأْوِيل اسْم الْفَاعِل فِي نَحوه وَتَأْويل اسْم الْمَفْعُول فِي نَحْو زيد خلق أَي مَخْلُوق وَالثَّالِث أَنه على تَقْدِير مُضَاف مَحْذُوف أَي ذَات إقبال وَهَذَا الْبَيْت للخنساء قَالَ سِيبَوَيْهٍ جَعلتهَا الإقبال والأدبار مجَازًا على سَعَة الْكَلَام كَقَوْلِك نهارك صَائِم وليلك قَائِم وَاسْتشْهدَ بِهِ صَاحب الْكَشَّاف عِنْد قَوْله تَعَالَى {وَلَكِن الْبر من اتَّقى} على أَن الْإِسْنَاد مجازي بِدَعْوَى أَن المتقى هُوَ عين الْبر بِجعْل الْمُؤمن كَأَنَّهُ تجسد من الْبر وَكَانَ الزّجاج يَأْبَى غير هَذَا
قَالَ عبد القاهر لم ترد بالإقبال والأدبار غير مَعْنَاهُمَا حَتَّى يكون الْمجَاز فِي الْكَلِمَة وَإِنَّمَا الْمجَاز فِي أَن جَعلتهَا لِكَثْرَة مَا تقبل وتدبر كَأَنَّهَا تجسمت من الإقبال والأدبار وَلَيْسَ أَيْضا على حذف مُضَاف وَإِقَامَة الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَإِن كَانُوا يذكرُونَهُ مِنْهُ إِذْ لَو قُلْنَا أُرِيد إِنَّمَا هِيَ ذَات