قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب الْحُرُوف الَّتِي تنزل بِمَنْزِلَة الْأَمر وَالنَّهْي لِأَن فِيهَا معنى الْأَمر وَالنَّهْي: وَسَأَلت الْخَلِيل عَن قَول الله عَزَّ وَجَلَّ: فَأَصدق وأكن فَقَالَ: هُوَ كَقَوْل زُهَيْر: فَإِنَّمَا جروا هَذَا لِأَن الأول تدخله الْبَاء فجاؤوا بِالثَّانِي وَكَأَنَّهُم قد أثبتوا فِي الأول الْبَاء.
وَكَذَلِكَ هَذَا لما كَانَ الْفِعْل الَّذِي قبله قد يكون جزما وَلَا فَاء فِيهِ تكلمُوا
بِالثَّانِي وَكَأَنَّهُم قد جزموا قبله. فعلى ذَلِك توهموا هَذَا. اه.
وَهَذَا كَمَا ترى لَيْسَ فِيهِ الْبَيْت السَّابِق. وَبَيَان الْآيَة وأولها: رب لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين. أَن لَوْلَا مَعْنَاهَا الطّلب والتحضيض فَإِذا قلت: لَوْلَا تُعْطِينِي مَعْنَاهُ أَعْطِنِي فَإِذا أُتِي لَهَا بِجَوَاب كَانَ حكمه حكم جَوَاب الْأَمر إِذْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَكَانَ مَجْزُومًا بِتَقْدِير حرف الشَّرْط فَإِذا أجبْت بِالْفَاءِ كَانَ مَنْصُوبًا بِتَقْدِير أَن فَإِذا عطفت عَلَيْهِ فعلا آخر جَازَ فِيهِ وَجْهَان: النصب بالْعَطْف على مَا بعد الْفَاء والجزم على مَوضِع الْفَاء لَو لم تدخل وَتَقْدِير سُقُوطهَا.
وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ هَذَا الْبَيْت فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع أخر من كِتَابه.
أَحدهَا: فِي بَاب الْفَاء عِنْد ذكر نواصب الْفِعْل قَالَ فِيهِ بعد أَن أنْشدهُ: لما كَانَ الأول يسْتَعْمل فِيهِ الْبَاء وَلَا تغري الْمَعْنى وَكَانَت