(وَأَمْنَع جَار الْبَيْت مِمَّا ينوبه ... وَأكْرم أضيافاً قراها طروقها)
قَالَ ابْن السّكيت: قَوْله: إِذا مت فادفني هَذَا خطابٌ مَعَ ابْنه يَأْمُرهُ بذلك وَفِيه مُبَالغَة على حبه للخمر وتعطشه إِلَيْهَا إِذْ أظهر الرَّغْبَة إِلَيْهَا وَهُوَ ميت.
وَقَوله: وَلَا تدفنني فِي الفلاة إِلَخ قَالَ ابْن السّكيت: الفلاة: الأَرْض الْمهْلكَة الَّتِي لَا علم بهَا وَلَا مَاء. وَالْمعْنَى أَن الفلاة لَا يعرش فِيهَا كرم فَلَا تدفنني إِلَّا
بمَكَان ينْبت فِيهِ الْعِنَب حَتَّى أكون قَرِيبا مِنْهُ فألتذ بذلك.
وَقَوله: أباكرها عِنْد الشروق إِلَخ. قَالَ ابْن السّكيت: أَي: إِنَّنِي أصبحها عِنْد شروق الشَّمْس وَمرَّة أشربها عشَاء إِلَّا أنني أقدم شربهَا على الْعشَاء فيعاجلني الغبوق.
والصبوح: شرب الغدو. والغبوق: شرب آخر النَّهَار. وأباكرها: أبادر إِلَيْهَا فِي بكرَة النَّهَار.
وَقَوله: وللكأس والصهباء إِلَخ. قَالَ ابْن السّكيت: حَقّهَا: كَونهَا تسر الْقلب. وَتذهب الْهم وتسخي الْبَخِيل وتشجع الجبان إِلَى غير ذَلِك من فعلهَا وَهَذَا حقٌّ لَهَا. وَإِذا كَانَ هَذَا دأبها فَمن حَقّهَا أَن تعظم وَلَا تضيع حُقُوقهَا. انْتهى.
وَقَالَ ابْن الملا: فَإِن قلت: حق الْكَلَام أَن يَقُول: وَمن حَقّهمَا أَن لَا يضاع حقوقهما لادعائه أَن الْحق الْمُعظم للكأس والصهباء قلت: نعم إِلَّا أَنه ذهب إِلَى أَن الكأس والصهباء وَإِن كَانَا