وَرُجُوع الضَّمِير من مثلهَا إِلَى فهم غير مُنَاسِب وَالْمُنَاسِب رُجُوعه إِلَى لحيان وَهِي قَبيلَة من هذيلٍ فِي قَوْله:
(أَقُول للحيان وَقد صفرت لَهُم ... وطابي ويومي ضيق الْحجر معور)
وَيجوز أَن يرجع إِلَى الْحَالة الَّتِي صدرت مِنْهُ حِين أحَاط بِهِ بَنو لحيان وَأَرَادُوا قَتله فتحيل وَنَجَا مِنْهُم.
وَعبر عَنهُ ابْن المستوفي بقوله: أَي: المحنة أَو الخطة أَو الْمِنَّة. وَكم: مُبْتَدأ وَجُمْلَة: فارقتها هُوَ الْخَبَر وَجُمْلَة: وَهِي تصفر حَالية وَمثلهَا: بِالْجَرِّ: مميزكم الخبرية.
قَالَ ابْن المستوفي: قَرَأت على شَيخنَا أبي الْحرم مكي: وَكم مثلهَا بجر مثلهَا ورفعها ونصبها.
وَالنّصب على أَن تكون كم مُبْهمَة بالاستفهامية وَيكون مثلهَا: صفة لنكرة محذوفة تقديرها: كم مرّة مثلهَا فارقتها. هَذَا كَلَامه فَتَأَمّله.
وَقد أَنْت مثلا لِإِضَافَتِهِ إِلَى ضمير الْمُؤَنَّث بِدَلِيل عود الضَّمِير إِلَيْهِ من فارقتها مؤنثاً.
قَالَ ابْن جني: أَنْت الْمثل حملا على الْمَعْنى لما كَانَ المُرَاد بِهِ الْحَال وَالصُّورَة الَّتِي ذكرهَا. وَقد جَاءَ فِي التَّنْزِيل: فَلهُ عشر أَمْثَالهَا لما كَانَ المُرَاد عشر حَسَنَات أَمْثَالهَا وتأنيث الْمُذكر أغلط من تذكير الْمُؤَنَّث لِأَنَّهُ مُفَارقَة أصل إِلَى فرع وَفِي مَا ورد من تَأْنِيث نَحْو هَذَا دليلٌ على قُوَّة إِقَامَة الصّفة مقَام الْمَوْصُوف حَتَّى كَأَن الْمَوْصُوف حَاضر.)
وَلَوْلَا أَن ذَلِك كَذَلِك لما جَازَ تَأْنِيث الْمثل لَكِن دلّ جَوَاز تأنيثه على قُوَّة إِرَادَة موصوفه.
فاعرف ذَلِك فَإِنَّهُ هُوَ غَرَض هَذَا الْفَصْل. انْتهى.