قَوْلنَا: زيد مَرَرْت بِهِ هُوَ مَرَرْت مَعَ أَنه لَا ينصب زيدا. ونظائره كَثِيرَة.

فَإِن قلت: مَرَرْت مَعَ الْبَاء يَصح أَن ينصب زيدا فَلذَلِك يدل على الناصب الْمُقدر. قلت: فَكَذَا أضْرب فِيمَا نَحن فِيهِ مَعَ اللَّام الْمقدرَة يَصح أَن تنصب القوانس لأنكم ذهبتم إِلَى أَن القوانس تعلق بأضرب تعلق الْمَضْرُوب بِهِ وَإِذا صَحَّ أَن يكون ناصباً لَهَا مَعَ اللَّام صَحَّ أَن يكون دَالا على عاملها.

وَإِذا ثَبت فَسَاد الْوَجْهَيْنِ فَلَا يكون التَّقْدِير الثَّانِي أولى من التَّقْدِير الأول بل الْأَمر بِالْعَكْسِ لِأَن تَقْدِير الْفِعْل أَكثر من تَقْدِير حرف الْجَرّ.

وَأَيْضًا التَّفْصِيل الَّذِي ذكره للخوافض الثَّلَاث مخالفٌ لما يفهم من كَلَام الْمُحَقِّقين على مَا لَا يخفى على الأذكياء. انْتهى كَلَام الجاربردي.

وَأَقُول: لم يبين الْفساد الَّذِي ادَّعَاهُ على وَجْهَيْن من تَقْدِير اللَّام وَغَايَة مَا أوردهُ تَصْحِيح تَقْدِير الْفِعْل على زَعمه. فَتَأمل وأنصف. وَالله تَعَالَى أعلم.

والمصراع من قصيدةٍ للْعَبَّاس بن مرداس الصَّحَابِيّ قَالَهَا فِي الْجَاهِلِيَّة قبل إِسْلَامه ومطلعها:

(لأسماء رسمٌ أصبح الْيَوْم دارساً ... وأقفر إِلَّا رحرحان فراكسا)

وَاخْتَارَ مِنْهَا أَبُو تَمام فِي الحماسة أَرْبَعَة أَبْيَات وَهِي:

(فَلم أر مثل الْحَيّ حَيا مصبحاً ... وَلَا مثلنَا يَوْم الْتَقَيْنَا فوارسا)

(أكر وأحمى للْحَقِيقَة مِنْهُم ... وأضرب منا بِالسُّيُوفِ القوانسا)

(إِذا مَا حملنَا حَملَة نصبوا لنا ... صُدُور المذاكي والرماح المداعسا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015