رثَّة فَقَالَ لَهُ: أنخ انْزِلْ حييت وَدخل إِلَى منزله فَقَالَ لامْرَأَته: هيئي شَاتك أَقْْضِي بهَا ذمام هَذَا الرجل فقد توسمت فِيهِ الْخَيْر فَإِن يكن من مُضر فَهُوَ من بني عبد الْمطلب وَإِن يكن من الْيمن فَهُوَ من بني آكل المرار.)

فَقَالَت لَهُ: قد عرفت حَال صبيتي وَأَن معيشهم مِنْهَا وأخاف الْمَوْت عَلَيْهِم إِن فقدوها.

فَقَالَ: مَوْتهمْ أحب إِلَيّ من اللؤم.

ثمَّ قبض على الشَّاة فَأخذ الشَّفْرَة وَأنْشد: الرجز

(قريبتي لَا توقظي بنيه ... إِن يوقظوا ينسحبوا عَلَيْهِ)

ثمَّ ذَبحهَا وكشط جلدهَا وقطعها أَربَاعًا وقذفها فِي الْقدر حَتَّى إِذا اسْتَوَت اثرد فِي جفنةٍ فعشاهم ثمَّ غداهم فَأَرَادَ عبيد الله الرحيل: فَقَالَ لغلامه: ارْمِ للشَّيْخ مَا مَعَك من نَفَقَة.

فَقَالَ: ذبح لَك الشَّاة فكافأته بِمثل عشرَة أَمْثَالهَا وَهُوَ لَا يعرفك فَقَالَ: وَيحك إِن هَذَا لم يكن يملك من الدُّنْيَا غير هَذِه الشَّاة فجاد لنا بهَا وَإِن كَانَ لَا يعرفنا فَأَنا أعرف نَفسِي ارْمِ بهَا إِلَيْهِ. فَرَمَاهَا إِلَيْهِ فَكَانَت خَمْسمِائَة دِينَار.

فارتحل عبيد الله فَأتى مُعَاوِيَة فَقضى حَاجته ثمَّ أقبل رَاجعا إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا قرب من ذَلِك الشَّيْخ قَالَ لغلامه: مل بِنَا إِلَيْهِ ننظره فِي أَي حَالَة هُوَ فَانْتَهَيَا إِلَيْهِ فَإِذا برجلٍ سري عِنْده دخانٌ عالٍ ورماد كثير وإبل وغنم ففرح بذلك وَقَالَ لَهُ الشَّيْخ: انْزِلْ بالرحب وَالسعَة. وَقَالَ: أتعرفني فَقَالَ: لَا وَالله فَمن أَنْت فَقَالَ: أَنا نزيلك لَيْلَة كَذَا وَكَذَا.

فَقَامَ إِلَيْهِ فَقبل رَأسه وَيَديه وَرجلَيْهِ وَقَالَ: قد قلت أبياتاً أتسمعها مني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015