فَثَبت أَنَّهَا صِفَات مُجَرّدَة عَن ذَلِك مساويةٌ لسَائِر الصِّفَات. وَمثل ذَلِك كثير.

فقاس الْمبرد على ذَلِك مَا فِي مَعْنَاهُ. فالناظم نكت عَلَيْهِ وارتضى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَمن وَافقه وَأَن أفعل التَّفْضِيل لَا يتجرد من معنى من إِذا كَانَ مُجَردا أصلا. وَمَا جَاءَ مِمَّا ظَاهره خلاف ذَلِك فَهُوَ راجعٌ إِلَى تَقْدِير معنى من أَو إِلَى بابٍ آخر.

فَأَما المفاضلة فِيمَا يرجع إِلَى الله تَعَالَى فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَادَة المخلوقين فِي التخاطب وعَلى حسب توهمهم العادي.

فَقَوله: الله أكبر معنى ذَلِك أكبر من كل شيءٍ يتَوَهَّم لَهُ كبر أَو على حسب مَا اعتادوه فِي المفاضلة بَين المخلوقين وَإِن كَانَ كبرياء الله تَعَالَى لَا نِسْبَة لَهَا إِلَى كبر الْمَخْلُوق.

وَكَذَلِكَ قَوْله: وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ. يُرِيد على مَا جرت بِهِ عادتكم أَن إِعَادَة مَا تقدم اختراعه أسهل من اختراعه ابْتِدَاء.

وَقَوله: هُوَ أعلم بكم أَي: مِنْكُم حَيْثُ تتوهمون أَن لكم علما وَللَّه تَعَالَى علما أَو على حد مَا تَقولُونَ: هَذَا أعلم من هَذَا.

وَهِي طَريقَة الْعَرَب فِي كَلَامهَا وَبهَا نزل الْقُرْآن. خوطبوا بِمُقْتَضى كَلَامهم وَبِمَا يعتادون فِيمَا)

بَينهم.

وَقد بَين هَذَا سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه حَيْثُ احْتَاجَ إِلَيْهِ.

أَلا ترى أَنه حِين تكلم على لَعَلَّ فِي قَوْله تَعَالَى: لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى صرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015