اللَّفْظ.

وَلَو أَنه أَرَادَ بأبيضهم بَيَاض الثَّوْب ونقاءه على الْحَقِيقَة لما جَازَ أَن يتعجب بِلَفْظ أفعل. فَالَّذِي جوز تعجبه بِهَذِهِ اللَّفْظَة مَا ذَكرْنَاهُ.

هَذَا كَلَامه.

وَلَا يخفى أَن الْبيَاض لم يسْتَعْمل قطّ فِي اللؤم وَالْبخل وَإِنَّمَا اسْتَعْملهُ فِي الْمَدْح وَإِنَّمَا كَانَ هُنَا ذماً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الطباخ. والكلمة فِي الْبَيْت أفعل تَفْضِيل لَا تعجب. وَهَذَا ظَاهر.

وَلما كَانَ الظَّاهِر باقتضاء الْمَعْنى أَن أفعل فِي الأبيات الثَّلَاثَة للتفضيل لم يتعسف الشَّارِح الْمُحَقق فِي تَأْوِيلهَا بإخراجها عَن التَّفْضِيل بل أجَاب بِأَنَّهَا من قبيل الشذوذ وضرورة الشّعْر. فَللَّه دره مَا أبعده مرماه وَمَا أحكم مغزاه وَأغْرب مَا رَأَيْته قَول بَعضهم: شبه كَثْرَة أَوْلَادهَا لغير رشدةٍ بالبيض. وأبيض بِمَعْنى كثير الْبيض جَائِز. هَذَا كَلَامه وَلَا وَجه لَهُ.

وَقَالَ ابْن يعِيش فِي بَاب أفعل التَّفْضِيل: من اعتل بِأَن الْمَانِع من التَّعَجُّب من الألوان أَنَّهَا معَان وَمن علل بِأَن الْمَانِع من التَّعَجُّب كَون أفعالها زَائِدَة فهما شَاذان عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَأَصْحَابه من جِهَة الْقيَاس والاستعمال.

أما الْقيَاس فَإِن أفعالها لَيست ثلاثية على فعل وَلَا على أفعل إِنَّمَا هُوَ افْعَل وافعال. وَأما الِاسْتِعْمَال فَأمره ظَاهر.

وَأما عِنْد أبي الْحسن الْأَخْفَش والمبرد فَإِنَّهُمَا وَنَحْوهمَا شَاذان من جِهَة الِاسْتِعْمَال صَحِيحَانِ من جِهَة الْقيَاس لِأَن أفعالهما بِزِيَادَة فَجَاز تَقْدِير حذف الزَّوَائِد. انْتهى.

قَالَ ابْن هِشَام اللَّخْمِيّ فِي شرح أَبْيَات الْجمل: الْبَيْت الشَّاهِد من رجز لرؤبة بن العجاج.

وَقَبله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015