يناظر الْخُصُوم ويخطب على الْمِنْبَر فَلَا يسمع فِي نطقه رَاء فَكَانَ إِحْدَى الْأَعَاجِيب حَتَّى صَار مثلا وَلَا مرية فِي أَن اجْتِنَاب الضَّرُورَة الشعرية أسهل من هَذَا بِكَثِير وَإِذا وصل الْأَمر إِلَى هَذَا الْحَد أدّى أَن لَا ضَرُورَة فِي شعر عَرَبِيّ وَذَلِكَ خلاف الْإِجْمَاع وَإِنَّمَا معنى الضَّرُورَة أَن الشَّاعِر قد لَا يخْطر بِبَالِهِ إِلَّا لَفظه مَا تضمنته ضَرُورَة النُّطْق بِهِ فِي ذَلِك الْموضع إِلَى زِيَادَة أَو نقص أَو غير ذَلِك بِحَيْثُ قد ينتبه غَيره إِلَى أَن يحتال فِي شَيْء يزِيل تِلْكَ الضَّرُورَة الثَّالِث أَنه قد يكون للمعنى عبارتان أَو أَكثر وَاحِدَة يلْزم فِيهَا ضَرُورَة إِلَّا أَنَّهَا مُطَابقَة لمقْتَضى الْحَال وَلَا شكّ أَنهم فِي هَذِه الْحَال يرجعُونَ إِلَى الضَّرُورَة لِأَن اعتناءهم بالمعاني أَشد من اعتنائهم بالألفاظ وَإِذا ظهر لنا فِي مَوضِع أَن مَا لَا ضَرُورَة

فِيهِ يصلح هُنَالك فَمن أَيْن يعلم أَنه مُطَابق لمقْتَضى الْحَال الرَّابِع أَن الْعَرَب قد تأبى الْكَلَام القياسي لعَارض زحاف فتستطيب المزاحف دون غَيره أَو بِالْعَكْسِ فتركب الضَّرُورَة لذَلِك وَقد بسط الرَّد عَلَيْهِ الشاطبي فِي شرح الألفية وَهَذَا أنموذج مِنْهُ ثمَّ قَالَ وَقد بيّنت هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَا هُوَ أوسع من هَذَا فِي بَاب الضرائر من أصُول الْعَرَبيَّة وَهَذَا الْبَيْت ثَانِي أَبْيَات سَبْعَة أوردهَا أَبُو زيد فِي نوادره لذِي الْخرق الطهوي وَهِي

(الطَّوِيل)

(أَتَانِي كَلَام الثَّعْلَبِيّ ابْن ديسق ... فَفِي أَي هَذَا ويله يتترع)

(يَقُول الخنى وَأبْغض الْعَجم ناطقا ... إِلَى رَبنَا صَوت الْحمار اليجدع)

(فَهَلا تمناها إِذْ الْحَرْب لاقح ... وَذُو النبوان قَبره يتصدع)

(يأتك حَيا دارم وهما مَعًا ... ويأتك ألف من طهية أَقرع)

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015