وَنقل ابْن المستوفي فِي شرح أَبْيَات الْمفصل عَن الزَّمَخْشَرِيّ فِي حَوَاشِيه على الْمفصل أَن التَّقْدِير: كم لَك غَيرهمَا فَتعلق لَك بكم. وَلأبي عَليّ فِي الْمسَائِل المنثورة كلامٌ جيد فِي كم أَحْبَبْت إِيرَاده هُنَا.

قَالَ: إِذا كَانَت كم خراً جَازَ فيهمَا بعْدهَا الْجَرّ وَالرَّفْع وَالنّصب وَإِنَّمَا جررته بكم لِأَن كم نقيضة رب وَمن أصولهم حمل الشَّيْء على نقيضه. أَلا ترى أَن رب للقلة وَكم للكثرة فَلَمَّا كَانَت بِهَذِهِ الْمنزلَة أجريت مجْرى رب. وَإِن نصب مَا بعْدهَا فجائزٌ لِأَنَّهَا عددٌ فِي الْحَقِيقَة والأعداد تبين مرّة بِالنّصب وَمرَّة بِالْجَرِّ. وَإِذا كَانَ هَذَا جَائِزا فِي الْأَعْدَاد فعلى أَي وجهٍ أردْت جَازَ. الرّفْع إِذا قلت: كم رجلٌ أَتَانِي صَارَت كم فِي معنى مرار فَتكون فِي مَوضِع نصب بأتاني وَيكون رجلٌ مُبْتَدأ وأتاني خَبره. قَالَ أَبُو عَمْرو: لَا يكون مَا تبين بِهِ كم إِلَّا نكرَة وَذَلِكَ لِأَنَّهَا عدد والأعداد لَا تبين إِلَّا بالنكرات. وَالنّصب فِي الْخَبَر جَائِز لِأَنَّهَا عددٌ فِي الْحَقِيقَة وَإِن كَانَ الْوَجْه الْجَرّ.

وَالْحسن أَن تنصب إِذا فصلت بَينهَا وَبَين مَا أضيف إِلَيْهَا لِأَن الْفَصْل بَين المتضايفين قَبِيح. فَلَمَّا قبح نصبوه لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَة عدد وَرجل يُفَسر ويوضح. وَأما قَول الشَّاعِر: كم بجود مقرفاً الْبَيْت فنصب مقرفاً فسر بِهِ كم لِأَنَّهُ حَال بَينه وَبَين كم بقوله بجود وَتَكون كم فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَهِي فِي الْمَعْنى فاعلة كَمَا تَقول: زيد قَامَ فزيد مُبْتَدأ وَإِن كَانَ فَاعِلا فِي الْمَعْنى.

وَيجوز الْجَرّ لِأَنَّك حلت بَين كم وَبَين عملت فِيهِ بظرف. فَأَما قَول الفرزدق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015