فَأكْثر بطرِيق الرَّمْز والإيماء بِحَيْثُ يقبله الذَّوْق السَّلِيم. واللغز: ذكر أَوْصَاف مَخْصُوصَة بموصوف لينتقل إِلَيْهِ وَذَلِكَ بِعِبَارَة يدل ظَاهرهَا على غَيره وباطنها عَلَيْهِ.
قَالَ القطب فِي رسَالَته: قد فرقوا بَينهمَا بِأَن الْكَلَام إِذا دلّ على اسْم شَيْء من الْأَشْيَاء بِذكر صفاتٍ لَهُ تميزه عَمَّا عداهُ كَانَ لغزاً. وَإِذا دلّ على اسْم خَاص بملاحظة كَونه لفظا بِدلَالَة مرموزه سمي ذَلِك معمًّى. فَالْكَلَام الدَّال على بعض السَّمَاء يكون معمى من حَيْثُ أَن مَدْلُوله اسْم من الْأَسْمَاء بملاحظة الرَّمْز على حُرُوفه ولغزاً من حَيْثُ أَن مَدْلُوله ذاتٌ من الذوات بملاحظة أوصافها. فعلى هَذَا يكون قَول الْقَائِل فِي كمون:
(يَا أَيهَا الْعَطَّار أعرب لنا ... عَن اسْم شيءٍ قل فِي سومكا)
(تنظره بِالْعينِ فِي يقظةٍ ... كَمَا ترى بِالْقَلْبِ فِي نومكا)
يصلح أَن يكون لغزاً بملاحظة دلَالَته على صِفَات الكمون وَيصْلح أَن يكون فِي اصطلاحهم معمًّى بِاعْتِبَار دلَالَته على اسْم بطرِيق الرَّمْز. انْتهى. وَيُقَال للمعمى فِي اللُّغَة أحجية أَيْضا وَهِي فِي اصْطِلَاح أهل الْأَدَب نوعٌ مِنْهُ. وَقد نظم الحريري فِي المقامة السَّادِسَة وَالثَّلَاثِينَ عشْرين أحجية وَهُوَ أول من اخترعها وسماها أحجية. وَقَالَ: وضع الأحجية