قَالَ الواحدي: أَي لهول ذَلِك الْخَبَر لم تقدر الألسن فِي الأفواه أَن تنطق وَلَا الْبَرِيد فِي الطَّرِيق أَن يحملهُ وَلَا الأقلام أَن تكتبه. وَلم يلْحق الْيَاء فِي الْهَاء من بِهِ وَاكْتفى بالكسرة ضَرُورَة. وَقد جَاءَ عَن الْعَرَب مَا هُوَ أَشد من هَذَا كَقَوْل الشَّاعِر:

(واشرب المَاء مَا بِي نَحوه عطشٌ ... إِلَّا لِأَن عيونه سيل واديها)

وَهَذَا كَقِرَاءَة من قَرَأَ: لَا يؤده إِلَيْك بِسُكُون الْهَاء. ويروى: تعثرت بك يُخَاطب الْخَبَر وَترك لفظ الْغَيْبَة. كَذَا فِي شرح الواحدي. وَقَالَ المعري: يُرِيد أَن هَذَا الْخَبَر نبأٌ عَظِيم لَا تجترئ الأفواه على النُّطْق بِهِ. وَهَذَا قد يجوز أَن يكون صَحِيحا لِأَن الْإِنْسَان رُبمَا هاب الْإِخْبَار بالشَّيْء لعظمه فِي نَفسه وَكَذَلِكَ الْكَاتِب الَّذِي يكْتب بالْخبر الشنيع رُبمَا يعثر قلمه هَيْبَة لِلْأَمْرِ الَّذِي دخل فِيهِ وَإِنَّمَا التعثر لِلْكَاتِبِ. وَأما إِذا ادّعى التعثر من الْبرد فكذب لَا محَالة لِأَن الْبَرِيد لَا يشْعر بالْخبر.

وَقد ذكر فِي مَوضِع آخر مَا يدل على أَن حَامِل الْكتاب الَّذِي لَا يشْعر مَا فِيهِ غير شاقٍّ عَلَيْهِ حمله فَكيف بالدابة الَّتِي لَا يحكم عَلَيْهَا بِالْعقلِ. وَذَلِكَ قَوْله لعضد الدولة:

(حاشاك أَن تضعف عَن حمل مَا ... تحمل السائر فِي كتبه)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015