هَذَا كَلَامه.
وحذفت مِنْهُ مَا لَا حَاجَة لنا إِلَيْهِ. وَأجَاب ابْن بري: إِن قَوْلك ده اسمٌ من أَسمَاء الْفِعْل لَيْسَ بِصَحِيح على مَذْهَب الْجَمَاعَة وَمن لَهُ حذق فِي هَذِه الصِّنَاعَة. وَالصَّحِيح أَنَّهَا اسْم الْفَاعِل من دهي فَهُوَ داه ودهٍ والمصدر مِنْهُ الدهي والدهاء. فَيكون المُرَاد بدهٍ فطن لِأَن الدهاء الفطنة وجودة الذِّهْن فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِلَّا أكن دهياً أَي: فطناً فَلَا أدهى أبدا أَي: فَلَا أفطن. فَهَذَا أَصله ثمَّ أجريت هَذِه اللَّفْظَة مثلا إِلَى أَن صَارَت يعبر بهَا عَن كل فعل تغتنم الفرصة فِي فعله. مثل ذَلِك أَن يَقُول الْإِنْسَان لصَاحبه وَقد أمكنته الفرصة فِي طلب ثأر: إِلَّا ده فَلَا ده أَي: إِلَّا تطلب الْآن ثأراً فَلَا تطلبه أبدا وَهَذَا الرجز لرؤبة. وَقَبله:
(فاليوم قد نهنهني تنهنهي ... وَأول حلمٍ لَيْسَ بالمسفه)
وقولٌ: إِلَّا دهٍ فَلَا ده
وَمَعْنَاهُ: إِن لَا تفلح الْيَوْم فَلَا تفلح أبدا أَي: إِن لَا تَنْتَهِ الْيَوْم فَلَا تَنْتَهِ أبدا هَذَا معنى ده فِي هَذَا الْمثل. وَأما إعرابه فَإِنَّهُ فِي مَوضِع نصب على خبر كَانَ المحذوفة تَقْدِيره: إِلَّا أكن دهياً فَلَا أدهى. وَإِنَّمَا أسكن الْيَاء وَكَانَ حَقّهَا أَن تكون مَنْصُوبَة من قبل أَن الْأَمْثَال تنزل منزلَة المنظوم.
وَهَذِه الْيَاء قد حسن إسكانها فِي الشّعْر وَهُوَ عِنْدهم من الضرورات المستحسنة كَقَوْل الشَّاعِر: