مَرْوَان كتب للفرزدق كتابا إِلَى واليه بضريه أَن يُعَاقِبهُ إِذا جَاءَ وَقَالَ للفرزدق: إِنِّي قد كتبت لَك بِمِائَة دِينَار فَلَمَّا أَخذ الْكتاب وَانْصَرف
(قل للفرزدق والسفاهة كاسمها ... إِن كنت تَارِك مَا أَمرتك فاجلس)
(ودع الْمَدِينَة إِنَّهَا مرهوبةٌ ... واعمد لمَكَّة أَو لبيت الْمُقَدّس)
فَفطن الفرزدق وأجابه بِهَذِهِ الأبيات فَكَانَ الفرزدق لَا يقرب مَرْوَان فِي خِلَافَته وَلَا عبد الْملك وَلَا الْوَلِيد. وَرُوِيَ من طريقٍ أُخْرَى: أَن مَرْوَان تقدم إِلَى الفرزدق أَن لَا يهجو أحدا وَكتب إِلَيْهِ الْبَيْتَيْنِ فَأَجَابَهُ الفرزدق بالأبيات. وَقَوله: فاجلس أَي: اذْهَبْ إِلَى الجلس بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون اللَّام وَهُوَ نجد. يُقَال: جلس الرجل إِذا أَتَى نجداً. والحباء: الْعَطاء. وَجعل الرَّجَاء للناقة وَهُوَ يُرِيد نَفسه.
وروى ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات الْجمل هَذَا الْخَبَر على غير هَذَا الْوَجْه فَقَالَ: إِن الفرزدق كَانَ مُقيما بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ أزنى النَّاس فَقَالَ شعرًا يَقُول فِيهِ: ...